الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008

قريباً عن دار العين ....


يصدر قريباً جداً عن دار العين للنشر كتاب "في كل قلب حكاية " لأحمد الفخراني وهو عنوان الباب الأسبوعي الذي يكتبه في صفحة المجتمع بجريدة البديل .
وهو عبارة عن بورتريهات لشخصيات عادية وهامشية ..لكنها حقيقية وتشبهنا وفيها يكشف أحمد عن جوهرها الانسانى ..عن أوجاعها وأحزانها وأحلامها وطموحاتها .
تقول د.كريمة كمال في تقديمها للكتاب " فى المرة الأولى التى قرأت فيها الباب ..شعرت بصدق هذه الشخصيات فأحمد قدمها بلا أقنعة وبدون حياد أيضا ..كان يبدو كمدافع عن أحلامهم البسيطة وأخطاؤهم ..ولم تكن الحكاية عنده سوى وسيلة للكشف عن جمالهم الداخلى ".
...
كما ينضم الشاعر العماني المعروف سيف الرحبي لأسرة كتاب العين ،وذلك بإصدارها حواريته_كما يفضل أن يسميها_ " نشيد الأعمي " والتي ستكون متوافرة قريباً جداً في الأسواق .
..
ومن عمان إلى الكويت حيث تصدر العين ديوان الشاعر " ابراهيم الكندري " الجديد وهو "من وحي الحماقة " والذي يقول عنه أنه " فكرة استولت على كل جوارحي لمدة ٤ سنوات، لم أكن أقصد منها سوى التعبير الحر، لم أللتزم بأي شيء وأنا أتعامل معها، كل ما أردت هو التعبير الحر المطلق، أما اليوم، فكل ما أرجوه أن تقرؤها في شكلها النهائي، كتابي الأول، كما هي، تعبير أحمق عن حالة حمقاء كانت حالتي."والديوان من تقديم د.مختار غالي .
..

الأربعاء، 17 ديسمبر 2008

عندما يتحول العالم‮ ‬إلي‮" ‬واقع افتراضي‮":‬ الحكاية تسبق الوجود‮ !


شعرة واهية جدا‮ ‬،‮ ‬حالت دون أن نقرأ‮ " ‬حواديت الآخر‮ " ‬ رواية‮ " ‬حسام فخر‮ " ‬الأخيرة كمجموعة أو متتالية قصصية‮ .. ‬فالحكايات التي تنتظم الكتاب التأمت في عقد سردي واحد‮ ‬،‮ ‬واكتسب مجموع البني الفردانية لكل حكاية بنية مركزية دورتها في فلكها،‮ ‬مما جعل قراءتها كعمل روائي أمرا‮ ‬محتملا‮ ‬مع الاحتفاظ بإمكانية قراءتها كحكايات‮ . ‬
‮ ‬نحن أمام‮ " ‬حكاية إطار‮ " ‬تتولد منها حكايات فرعية‮. ‬تحيلنا البنية دون مواربة لألف ليلة وليلة‮ .. ‬كما يحيلنا المكان البطل في الرواية‮ ‬،‮ ‬وهو‮ " ‬مدينة النحاس‮ "‬،‮ ‬والذي يستعير نظيره في الليالي متناصا‮ ‬معه ومحاورا‮ ‬إياه‮ . ‬حتي طبيعة العلاقة بين الراوي و‮" ‬الآخر‮ " ‬ اللذين يتخلق النص بين خطابيهما تكاد تكون استعادة لحكاية السندباد وشيخ البحر في الليالي أيضا‮ ‬،‮ ‬حيث يستريح‮" ‬الآخر"علي كتفيه ويطبق بساقين من حديد علي جنبيه‮. ‬الرواية إذن بداءة تكاد تكون معارضة عصرية لنص من الموروث‮.. ‬بل إنها تستعير لغته في مواضع شتي،‮ ‬خاصة تلك التي تمثل حوار الآخر،‮ ‬القادم من مكان مجهول ومن زمن مغيب مفارق ليقيم حوارا‮ ‬مع الراوي العصري‮. ‬إن أول عبارات للآخر هي‮ : " ‬لقد عشت مغامرات يشيب لهولها الولدان وذلك في مدينة النحاس والله وحده يعلم كيف خرجت منها حيا،‮ ‬رأيت ما لا عين رأت ولا أذن سمعت‮ ‬،‮ ‬وأريد الآن أن أكتب ما رأيت،‮ ‬غير أني تعبان منهك ووقع اختياري عليك‮. ‬سأركب كتفيك وأستعير مخك لثمانية أيام وسبع ليال،‮ ‬سأخبرك بما جري لي وأنت ستكتبه‮ ".‬
‮ ‬الشفاهي متمثلا‮ ‬في الآخر يهيمن علي الكتابي الذي يمثله الراوي في أولي عتبات الدلالة‮ . ‬الآخر يحط علي الراوي مطالبا‮ ‬إياه أو آمرا‮ ‬إن شئنا الدقة بكتابة حكايته الخاصة،‮ ‬حكايته الشفهية،‮ ‬كي تخلد وتهزم النسيان والطمس‮. ‬خطاب الآخر مسجوع،‮ ‬عامر بالزخارف،‮ ‬عتيق البلاغة ومثقل بالمجازات‮.. ‬أما خطاب الراوي فلغته تداولية،‮ ‬بسيطة،‮ ‬مشهدية وخالية من الزخرف‮ . ‬هذا صراع‮ ‬أول‮ .. ‬لا نعرف لمن ستؤول فيه الغلبة في نهاية المطاف‮. ‬حسب‮ " ‬ميشيل فوكو‮ "‬،‮ ‬في‮ "‬وظيفة المثقف السياسية‮ " ‬فإن‮ " ‬المهزومين ليسوا عديمي لغة،‮ ‬ولكنهم لا يتحدثون لغة نحن مضطرون لأن نصغي إليها،‮ ‬لأنهم مستعبدون‮ ". ‬ربما يوائم هذا المنطق عجز لغة الراوي علي عصريتها حيال قدرة لغة الآخر،‮ ‬علي مفارقتها‮. ‬هنا يكمن سؤال لآخر،‮ ‬جوهري في الرواية بامتداد صفحاته،‮ ‬هو سؤال عجز الإنسان المعاصر‮. ‬الآخر هو ابن مدينة النحاس الخيالية،‮ ‬المفارقة للواقع والتي تخاصم شروط المحاكاة‮ ‬،‮ ‬والمنطق بالذات‮ . ‬الراوي ابن المدينة الحديثة المعممة في النص وغير المسماة،‮ ‬مثله تماما‮ ‬ وغير القادر علي اعتناق قناعة مفارقة‮.‬
‮ ‬مفارقة أولي ستبرز،‮ ‬في علاقة الرواية بألف ليلة‮ .. ‬تخص دور من يحكي الحكاية وبالمقابل دور من يتلقي الحكي‮ . ‬شهرزاد كانت تحكي لتنجو من الموت‮. ‬في كل حكايات ألف ليلة الغلبة،‮ ‬والقوة،‮ ‬لمن ينصت وليست لمن يروي‮. ‬المنصت هو دائما صاحب السلطة وكاتب المصير،‮ ‬والحكاية طريق لتفادي الموت عند من يملكها‮. ‬الأمر هنا معكوس تماما‮.. ‬صاحب الحكاية هو صاحب القوة ومن يستمع عاجز‮ . ‬
‮> > > ‬
‮ ‬الرواية تقع في جزءين‮ ‬،‮ ‬فاصلين إشاريين يقسمانها إلي شطرين رئيسيين‮ . ‬في الجزء الأول يكتب الراوي الرحلة كما يرويها‮ " ‬الآخر‮ " ‬،‮ ‬يتمثلها ذهنيا‮ ‬فحسب ويتلقاها من منتجها‮ ‬ليخطها‮ .. ‬أما الجزء الثاني والذي يحتل أكثر من ثلثي النص فيبدأ الراوي فيه رحلته الخاصة،‮ ‬ليحكي هو‮. ‬يترتب علي ذلك تغيير جوهري في وضعية الراوي‮. ‬تنتفي بشكل ما وساطة الراوي بين صاحب النص ومن سيقرأه بعد ذلك‮. ‬إن الراوي في الجزء الأول يبدو بلا موضع بين طرفي النص المسرود‮ ( ‬منتجه ومستهلكه‮ ).. ‬بينما يتحول بعد ذلك لمنتج أكيد‮ . ‬
‮ ‬لماذا قرر الراوي أن يخوض الرحلة بنفسه ؟‮.. ‬السؤال جوهري،‮ ‬وإجابته كما يقدمها النص‮ : ‬البحث عن الآخر‮ ! . ‬ربما يبدو ذلك محيرا،‮ ‬أن تبحث ذات عما تهرب منه‮. ‬الدافع أيضا‮ ‬يبدو‮ ‬غير معقول‮.. ‬فبعد رحيل‮ " ‬الآخر‮" ‬في نهاية الجزء الأول،‮ ‬يستجيب الراوي مع انطلاق الجزء الثاني ل‮ " ‬آخر‮ " ‬جديد‮.. ‬هو هذه المرة محض صوت في المنام‮ . ‬صوت يقض مضجع الراوي،‮ ‬يؤنبه لتخليه عن‮ " ‬الآخر‮ " ‬وعدم سؤاله عنه منذ اختفائه ويأمره بالبحث عنه والوصول إليه‮ . ‬الصوت هذه المرة يبدو تمثيلا‮ ‬كاملا‮ ‬للمطلق‮ ‬،‮ ‬واستجابة الراوي المسلمة‮ ‬له تحيلنا لتأويل يقضي بأن هذا الصوت علي نحو أو آخر صوت الله‮. ‬يبدأ الراوي رحلته للبحث عن الآخر،‮ ‬بينما هو في الحقيقة يبحث عن ذاته‮. ‬لماذا يكتشف الراوي ذاته عبر اكتشاف الآخر ؟ لماذا يتخذ قراره المصيري وفق إرادة مفارقة لم تنبع من داخله ؟‮ .. ‬إنه سؤال آخر يفارق نمط البطل الروائي الحديث،‮ ‬الذي لا ينطلق سوي من مساحة الشك اللصيقة به،‮ ‬وينفي الأصوات الكلية عن مدار رؤاه‮ . ‬عجز كامل يحيل البطل هنا لشخصية قدرية‮. ‬ينتفي عنه وجوده النسبي واعتداده بقيمة الشك،‮ ‬كأنه يبحث عن‮ " ‬مخلٌِص‮ "‬،‮ ‬ويصير محض مجسيٌّر‮: ( ‬أنا مكلف بالبحث عن شخص‮ ) ‬هكذا تتجسد المهمة من وجهة نظر الراوي نفسه‮.‬
‮> > > ‬
‮ ‬المعرفة،‮ ‬حسب بنية‮ ‬الرواية،‮ ‬تستلزم رحلة خطية،‮ ‬يحيل فيها كل مكان ولحظة زمنية إلي ماهو لاحق ليس فقط في السياق التعاقبي،‮ ‬لكن في الإيغال المعرفي باتجاه الكشف‮. ‬مع كل خطوة هناك اقتراب أكبر من إمكانية إدراك الحقيقة‮.. ‬وكل لحظة فائتة هي بالضرورة أقل وضوحا‮. ‬الراوي يتنقل من مكان لأخر بحثا‮ ‬عن الآخر الذي يتماهي معه لحظة بعد أخري وفي كل محطة هناك حكاية جديدة‮. ‬حكاية تؤكد وجود الآخر حتي لو أعلنت كل الشواهد أن ذلك‮ ‬غير صحيح‮. ‬غير أن الراوي في مرحلة من بحثه يجد نفسه أمام حتمية صعبة‮: ‬أن يفقد روحه‮. ‬هذا المعني الميتافيزيقي تجري ترجمته في الرواية‮ ‬إلي حدث حقيقي‮. ‬تفشل محاولة الراوي في الحصول علي روح جديدة بدلا‮ ‬من روحه المهترئة‮ .. ‬ويخبره‮ " ‬الحكيم‮ " ‬بسبب الفشل‮: " ‬كانت الروح الجديدة علي وشك الحلول فيك،‮ ‬ولكنك أردت أن تجمع القديم والجديد في الآن عينه،‮ ‬وهما ضدان لا يجتمعان فأضعت الاثنين‮.. ‬ولم يعد أمامك إلا أن تستأنف سعيك اليائس‮ ". ‬المدهش هنا أن الراوي رغب في استبدال روحه بروح‮ " ‬الآخر‮ " ‬تحديدا‮ .. ‬وتقمصه بالفعل فور إجراء الجراحة،‮ ‬فعندما يسأله الحكيم عن اسمه يقول‮ : ‬اسمي الآخر‮ .‬
‮ ‬المعرفة إذن،‮ ‬وفق النص،‮ ‬لا تتم إلا بالإقصاء،‮ ‬بالاستبعاد،‮ ‬وهو ما يعجز عنه الراوي‮. ‬لنلاحظ أيضا‮ ‬أن لغة الراوي تقترب من لغة الآخر كلما تقدمت الرحلة حتي يصير خطابه في النهاية هو نفسه خطاب الآخر،‮ ‬بمفرداته وتكآته البلاغية‮. ‬
‮ ‬حتي عندما يقرر الراوي استرداد روحه،‮ ‬تسرق منه‮ .. ‬وكأن مصيرها الوحيد هو أن تغادره‮ . ‬
‮ ‬قرب النهاية يقابل الراوي‮ " ‬الآخر‮ " ‬من جديد‮.. ‬لتنقلب الآية هذه المرة،‮ ‬وليصير التوحد نهائيا‮. ‬الراوي يطلب منه ألا يفارقه،‮ ‬وعندما يبدي الآخر اندهاشه،‮ ‬يقول الراوي في عبارة‮ " ‬مورالية‮ " ‬تلخص جانبا‮ ‬ضخما‮ ‬من مغزي الرحلة‮: ( ‬أما أنني لا أطيقك،‮ ‬فهذا أمر مفروغ‮ ‬منه وحق لا مراء فيه‮ .. ‬كل مرة اقتحمت فيها حياتي ارتبكت أموري،‮ ‬واختلطت مواعيدي،‮ ‬ونكثت بوعودي،‮ ‬وخربت علاقاتي بكل البشر‮ .. ‬لكنني أحببت الحواديت وسعدت بسماعها‮.. ‬وأعتقد أن ما يزال عندك الكثير منها،‮ ‬وأريد حقا‮ ‬أن أن أدونها لك كما كانت الحال في أول مرة‮ .. ‬أرجوك‮ .. ). ‬
‮ ‬الحكي كغاية يصير هو الوجود ذاته،‮ ‬الحكي كذب،‮ ‬غير أن الوجود كما يمكن أن نجربه ليس بالضرورة حقيقيا‮ ‬وقابلا‮ ‬للتصديق‮. ‬إن العالم في‮ " ‬حواديت الآخر‮ " ‬يبدو تاليا‮ ‬في وجوده علي صورته كحفنة حكايات‮. ‬وما‮ " ‬رآه‮ " ‬الراوي لم ينقض في لحظة ما‮ " ‬روي له‮ " ‬عن مدينة النحاس‮ .. ‬صورة العالم كما يقدمها الحكي تكاد تطابق جوهره كما تخبره الذات‮ . ‬وتغدو‮ " ‬الكتابة‮ " ‬وفق هذا المنطق كمنجز متقدم في مسيرة الحضارة سجنا‮ ‬للوجود،‮ ‬ينتزعه من رحابة التحريف قدر ما يضمن له الاستمرارية‮. ‬صفقة لابد منها،‮ ‬البقاء لابد له من سياق اتفاقي يخلقه ما هو مدوٌّن‮. ‬
‮> > > ‬
‮ ‬المنطق الفني للرواية يعمد إلي خلق‮ ( ‬بارودي‮ ) ‬أو محاكاة ساخرة للعالم الحديث‮. ‬إن‮ "‬مدينة النحاس‮ " ‬تبدو هنا كما لو كانت مدينة افتراضية علي شاشة كمبيوتر،‮ ‬تملك مواصفات ماضوية أكيدة لكن شروطها الفعلية تنتمي لمعرفة ما بعد الحداثة‮. ‬
إنه‮ »‬game‮ « ‬قادر علي توريطك فيه وبث الرعب في أوصالك،‮ ‬لكنه ينتهي في لحظة ليبدأ من جديد‮ ‬في مرة تالية،‮ ‬ومن نقطة الصفر‮. ‬يبرر ذلك التأكيد في نهاية الرواية علي أنها‮ " ‬تمت حتي إشعار آخر‮ "‬،‮ ‬هي تامة في هذه اللحظة لكن ليست تامة علي إطلاقها‮.‬
‮ ‬في أحد المشاهد الدالة،‮ ‬يكتب الراوي‮ " ‬باس وورد‮ " ‬ليدخل المغارة‮: ( ‬جلست علي مقعد مريح أمام باب المغارة‮. ‬نقرت علي الزر الأيسر مرتين،‮ ‬فطلع لي ملكان سألاني عن اسمي وديني وكتابي وطلبا مني كلمة السر‮. ‬عندما قدمتها انفتح أمامي شريط من نور برقت تحته كلمات‮: ‬من فضلك اكتب اسم الشخص الذي تبحث عنه ثم اطلق السهم القابع علي اليمين‮ . ‬بحثت عن‮ ‬الحروف علي المفاتيح المصفوفة‮ ..... ‬إذا كان الشخص الذي تبحث عنه موجودا‮ ‬في هذه القائمة،‮ ‬انقر علي اسمه مرتين وسنوافيك بالمعلومات والتعليمات‮.. ‬وإذا لم يكن موجودا‮ ‬فنرجو منك تضييق نطاق البحث‮ .. ) . ‬تتري مثل هذه الأداءات‮ " ‬الرقمية‮ " ‬بامتداد النص،‮ ‬وكأن مدينة النحاس تحولت إلي مكان ماضوي بشروط مستقبلية‮ . ‬هذه‮ " ‬الخفة‮ " ‬في تناول ما تم توارثه باعتباره ثقيلا‮ ‬ ولاحظ الدلالة المرجعية لمفردة‮ " ‬النحاس‮" ‬نفسها تحيل الوجود نفسه إلي واقع افتراضي‮. ‬محض نسخة من بين ملايين النسخ المتاحة والقابلة مرة بعد أخري للتعديل والتحديث‮. ‬يتسق الوجود وفق هذا التصور مع ما أسلفته عن حقيقة الوجود حيال كذب الحكي‮ . ‬الوجود نفسه لا يمنحك إلا صورته‮ ‬،‮ ‬تماما‮ ‬كما لا يمنحك الحكي إلا صورة عما يحكي عنه‮. ‬إنه سؤال ما بعد حداثي بامتياز‮: ‬سؤال الفرادة في تحولها إلي‮ ‬copy‮ ‬تصير من خلاله الأيقونة محض اسطوانة مدمجة‮.‬
‮ ‬مدينة النحاس تتعالق مع هذه الشروط،‮ ‬مقدمة ما هو أبعد من سؤال امتزاج الواقع بالخيال‮ ‬،‮ ‬لأنه لا يشكك فقط في ماهية المدرك أمام‮ ‬غير القابل للإدراك المجرد،‮ ‬بل يفكك الشروط الأساسية للإيهام كلما أسس لها‮ . ‬
‮ ‬مدينة النحاس هي إذن وفق تأويلي‮ ‬شخصي المكان الذي تعبره الأزمنة،‮ ‬وقد تجتمع فيه في لحظة،‮ ‬متجاورة،‮ ‬كل لحظة‮ ‬بشرطها المفارق للحظة المتاخمة لها‮. ‬
مدينة هي الوجود،‮ ‬ووجود هو برمته‮ " ‬آخر‮ " ‬يحكي لك مالم تر،‮ ‬ويجبرك علي كتابته ليقرأه لاحق‮ ! . ‬



طارق إمام


الثلاثاء، 16 ديسمبر 2008

رواية شديد البرودة ليلا

شديد البرودة ليلاً" قصة "غازي" و"جايل"॥ والملح على الجرح! (كلمة ظهر الغلاف)"لم لا ننهي كل شيء الليلة، نكتفي بهذا القدرعودوا لبيوتكمانسونا تماماانسوا أنكم عرفتمونا يومانحن نطهو طعامكمونربي أطفالكم وننظف ثيابكم التحتيةونتحمل فظاظتكم وقذارتكمنعدّ فراشكموندفئ ماء الاستحمام لكموندعك ظهوركم التي لا تصلها أذرعتكم الممتلئةوندير أعمالكمونغسل أموالكمونلتقط صوركمبينما تبتسمون ابتساماتكم البلهاءوننشرها في الجرائد"..هكذا يلخص الروائي الشاب "وجدي الكومي" الحال العربي في روايته الصادرة حديثا عن دار العين "شديد البرودة ليلا" و التي تعد الرواية الأولى له وإن سبقتها العديد من القصص القصيرة التي نال على معظمها الكثير من الجوائز.. وسبقتها أيضا قراءات عديدة لاتجاهات مختلفة في الرواية ليستخلص من كل هذه الاتجاهات اتجاهه الخاص وأسلوبه المميز السهل في روايته الأولى।تتناول أحداث الرواية فترة صعبة في تاريخ العالم العربي وهي فترة غزو العراق للكويت.. تلك الفترة التي كانت صدمة لجيل كامل استيقظ صباحا فوجد أن دولة عربية غارت على جارتها والعالم العربي والمجتمع الدولي يمثل دور المتفرج بمنتهى البراعة.ستصاب في الرواية بالكثير من الصدمات.. والكثير من المفاجآت المتلاحقة.. وستقابلك الكثير من المفردات الحياتية.. وإذا كنت من النوع الذي يفضّل انفصام شخصية البطل وكونه شخصا غير سويّ فستجد هذا أيضا.. وإذا كنت من النوع الذي يهتمّ بحرية التناول وحرية الحديث عن الجنس فلن يخذلك الكاتب أيضا.. باختصار: الرواية ربما تحمل لك كل ما تحتاجه من إشباع روائي.تدور الرواية حول ذلك الشاب الذي أنهى دراسته في مصر بعد أن تعرّف على "غازي" ذلك الشاب الكويتي الذي يدرس في القاهرة والذي كانت هوايته ممارسة الجنس وتصوير علاقاته المحرمة في قصره الفخم باستخدام بطل الرواية بعد أن صارا صديقين.. وبعدها سافر إلى العراق للعمل ثم عاد إلى مصر مرة أخرى ليؤدي الخدمة العسكرية الإجبارية بعد أن تهرب من خدمته ويلتحق بعدها بالقوات التي ستسافر إلى الكويت للمشاركة في حرب العراق والكويت المعروفة.. ويقفز بنا الكاتب إلى فترة أخرى في حياته بعد أن انتهت الحرب لنكتشف أن البطل قد بدأ العمل في الخليج من جديد بتوصية من "غازي".. وكان عمله عبارة عن توريد فتيات ليل إلى الخليج للعمل صوريا في دور الأزياء وخلافه من خلال توريط البنات المتقدمات في علاقات جنسية بالرغم منهن.. لإسكاتهن في ممارسة عملهن القادم.. وبالطبع لم يجد "غازي" موظفا أهلا لهذا العمل أكثر من صديقه!وبتطور الأحداث نكتشف انفصام شخصية البطل. وكيف أنه يحمل بين طياته أكثر من شخصية وذلك من جراء ما رآه في الحرب من أهوال يشيب لها الوليد.. ودائما يظل البطل في صراع دائم بين شخصياته الداخلية.. بين الحلم في داخله الذي يمثله "جايل" وبين البطل بحد ذاته الذي لا يعلم مصيره وما القوة التي تدفعه لكل ما يفعله طوال أحداث الرواية.أجاد "وجدي الكومي" حتى استخدام أسماء أبطاله كدلالات على ما تحمله من أحداث.. فقد استخدم اسم صديق البطل الكويتي الداعر "غازي" كدلالة على ما يحمله هذا الشخص للبطل من غزو فكري وأخلاقي وربما تمدد المضمون ليحمل ما يحمله مثل هذا البطل من غزو بأمواله وموبقاته للبلاد العربية المهضومة والتي ما زالت تحاول الغوص ضد تيار المال في مقابل الجسد.واستخدم اسم الشخصية الأخرى للبطل والتي يحملها داخله "جايل".. و"جايل" هو الشخص الذي يكون مع البطل في كل جولاته طوال الرواية.. في خنادق الحرب وفي الطائرة التي يستقلها ليجلب فتيات الليل من البلدان العربية الأخرى إلى الخليج.. كلما وقع البطل في لحظات ضعفه خرج "جايل" ليصبح أقوى ويكيل له الضربات الموجعة انتقاما من نفسه على ما بدر منه في حق الجميع وأولهم نفسه.. "جايل" هو الخواطر التي تجول في نفس الباطل .. هو ذلك الهاجس الذي يفسد عليه استمتاعه بما يفعله من موبقات.. هو الهاجس الذي يتحرر من كل قيود المجتمع والحياة ليخطو على خطوات ضعف صاحبه ويحقق إنجازاته التي نسيها البطل في غمار حياته العفنة.كما استخدم الكاتب اسم البطلة المجهولة التي لم تظهر في الرواية إلا من خلال ذكريات البطل "ليلى".. وكأنه أراد أن يستخدم ذلك الاسم المرتبط دوما بالحب والعشق والأمل والحلم.. وكأن "ليلى" هو ذلك الأمل والحلم الذي تركه البطل وضحّى به في سبيل استسلامه لعجزه وضعفه.(شديد البرودة ليلا) رواية أولى لروائي جديد جيد.. منحه حبه للروائيين الآخرين وأولهم "صنع الله إبراهيم" ذلك الأسلوب الملحمي والمتنقل.. الذي يجعلك دائما على موعد في كل فصل مع مفاجأة أو على الأقل سيجذبك من أول وهلة لتقرأ بانتباه شديد حيث يقذفك من زمن إلى زمن .. من البدايات إلى الحرب ومن الحرب إلى البدايات ومن الحرب إلى النهاية والعكس.. ولم يثنِ "دار العين" عن نشر الرواية رفض عمال المطبعة طبع الرواية لما تحتويه من إسقاطات ومشاهد -وإن كنت أرى من وجهة نظري أن ما بها من تجاوزات يقل كثيرا عن غيرها من الروايات الأخري- فاتجهت "دار العين" إلى مطبعة أخرى وكأنها تعلن أن الرواية الجيدة ستظهر إلى النور إن آجلا أو عاجلا. (شديد البرودة ليلا) رواية جيدة لروائي جيد.. تضع قطرات الملح على ذلك الجرح الغائر في عروبتنا.. فهل سنلتفت إلى معالجة الجرح؟ أم سنكتفي بالألم؟!


الخميس، 13 نوفمبر 2008

مقتطف من كتاب " نساء حسن سليمان "لعبلة الرويني



سوق التبليطة القريب من وكاله الغوري كان أول الأسواق التي عرفها حسن سليمان .. وتوالت
الأسواق بعد ذلك وتوالت العلاقة بهم ، فالسوق لديه هو الشعر ، وهو تلاعب الظل والنور ، وهو الموسيقي.. الخضروات الطازجه جداً هي جزء من طزاجة هذا العالم ،وملمحاً من ملامح الجمال الشعبي الذي لم يجده في أي امرأة أخرى .
جمال المرأة الشعبية جمال صريح وأصيل.. يقول حسن سليمان: هي امرأة لا تخفي أنوثتها بل تجاهر بها ،ليس لديها عقدة (المساواة) لدي المرأه المثقفة او المرأة الأرستقراطية.. لاالرجل في الأحياء الشعبية يريد أن يكون امرأة ، ولا المرأة تريد أن تكون رجلاً .
أنوثة خالصة نقية ،ذلك هو النموذج الذي بحث عنه ، وأمسك به داخل السوق،أنوثه صريحة وكادحة أيضاً، فهي امرأة تعمل طوال اليوم بقروش قليلة لتوفر حياة لأفواه لاتعد ، وربما لزوج مدمن ،أو يعمل يوم وينام في اليوم التالي .
امرأ’ السوق امرأة مختلفة ، لا شبيه لها في الطبقات الارستقراطيه او الطبقات الوسطي..
كانت تغني أغنية وردة: لوسألوك..
سألها حسن سليمان : لماذا هذا الحزن؟
قالت: هجرني بلا أسباب وتزوج من امرأة أخرى
رسمها (كروكي) في العديد من الاسكتشات مسجلا اللون فوق الكروكي..(ماتيس وبيكاسو) كانوا يفعلون ذلك ، لكن حسن سليمان لم يكن يعنيه اللون تماماً ، كل ما يهمه هو البعد خلف المرأه..كان يحاول ان يحتفظ بالثنيات والانحناءات علي أردافها ،للانحناءات معني الحلاوة والأنوثة ،ويحتفظ بالايقاع الموسيقي في صوتها المليء بالشجن0
قال لها : الرجالة عمي ،لو كنت صغير لتزوجتك
قالت له: انت مش كبير
وفي سوق التبليطة أعجب( ببائعه السبانخ ) كانت تعرف اعجابه بها وكانت تعرف أنه يقوم برسمها، لكنها فجأ’ امتعضت وأشارت له أن يبتعد فزوجها قادم..وعندما ابتعد زوجها غمزت له بعينيها أن يكمل ما يريد رسمه..رسمها كروكي باحجام مختلفة ، بحجم كبير وأحياناً بحجم صغير..بعد ذلك يكمل الرسم في الجاليري ، مستعينا ببعض الخضروات وقطعو من الخيش ، يضعها أسفل الخضراوات حتي يري اللون بدقة.. ومره أخرى كانت الانحناءات في قماش الجلباب ، والثنيات في الملاءة، تحدد الإيقاع وموسيقي اللوحة.
يحكي حسن سليمان عن (اعتدال)..كان يجلس أمام حنفية المياه( لم تعد تعمل حالياً) خلف السوق في الوسعاية بالباطنية كان ينتظرها ويلاحقها يوم بعد يوم ..امرأة طويلة ممشوقة ذلك التناسق والاتزان الذي ينطوي علي أنوثة متفجرة .
سألته وهو يواصل الرسم: ألم تزهق بعد؟
قال: لن أفقد الأمل .
قالت: انتظرني عند محطة الأتوبيس أمام مستشفي الحسين..الغريب أنها جاءت واحدة أخرى .. ملابس مختلفة(جونلة وبلوزة) شعر مصفف وأظافر مطلية بالألوان ..عندئذ أحس أنها فقدت كل شيء ، لم تعد هي خرجت من اطارها الجميل المتناسق وصارت شيئاً ممسوخاً ،دعاها إلى طبق أرز بلبن من (المالكي) واشتري لها بسبوسة ثم انقطع عنها نهائياً.. لم يعد يرسمها..لم يعد يراها ولو مرت امامه بالسوق مئات المرات..
.......
مقتطف من كتاب
"نساء حسن سليمان"
لعبلة الرويني
قريباً عن دار العين للنشر

رولان بارت يتحدث عن اشتباك الأدب الواقعي بالشيوعيين والبورجوازيين


الكتابة الواقعية أبعد ما تكون عن الحياد ،بل هي بالعكس ،محملة بأمارات الصنع الأكثر إثارة للنظر
إجادة الكتابة –هي العلامة الوحيدة منذ الآن، للظاهرة الأدبية عند المدرسة الطبيعية – معناها، بسذاجة،تغيير موضع المفعول به، و"إعادة القيمة" لكلمة، ظناً بأن ذلك سيحقق إيقاعا "تعبيرياً". إلا أن التعبيرية أسطورة: فهي لا تعدو كونها اصطلاحاً عن التعبيرية.
إن هذه الكتابة الاصطلاحية كانت دائماً موضع تفضيل لدى النقد المدرسي الذي يقيس ثمن نص ما، على ضوء الجهد الذي تطلبه.
هكذا إذن، بين بروليتاريا مستبعدة من كل ثقافة، وصفوة مثقفة بدأت في وضع الأدب نفسه موضع تساؤل، سيجد الزبن المتوسطون للمدارس الابتدائية والثانوية، أي البورجوازية الصغيرة إجمالاً، في الكتابة الفنية – الواقعية – التي سيصنع منها قسط كبير من الروايات التجارية – صورة امتيازية لأدب يملك جميع الإشارات الصارخة والمفهومة لهويتهم. هنا، لا تكون وظيفة الكاتب هي إبداع عمل بقدر ما تتمثل في إنتاج أدب يرى من بعيد.

أما عن الواقعية الاشتراكية الفرنسية فقد استأنفت كتابة الواقعية البورجوازية مع مكننة جميع الإشارات القصدية للفن. نسوق، مثلا على ذلك، بعض الأسطر من رواية لروجيه كارودي:
" ... النصف الأعلى للجسم مائل، متجه باندفاع نحو ملابس اللينوتيب .. كان الفرح يغني داخل عضلاته، وكانت أصبعه ترقص خفيفة وقوية .. وكان بخار الكحل المتسمم يسوط صدعيه ويلهب شرايينه، جاعلا قوته وغضبه وحماسه أكثر قوة ...".
نلاحظ في هذه الفقرة، أن الكاتب لا يقدم لنا شيئا بدون أن يرفقه باستعارة، لأنه يريد أن يشعر القارئ إشعارا قوياً بأن ما يقرأه "مكتوب جيداً". وهذه الاستعارات التي تتشبث بأدنى فعل، لا تعبر مطلقا عن رغبة مزاج يسعى إلى نقل تفرد إحساس، بل هي فقط علامة أدبية تضع لغة في موضعها تماماً مثل العلامة التي تخبر بثمن بضاعة ما.
إن تعبيرات مثل: "ضرب على الآلة" و "نبض" (عند الحديث عن الدم) أو "يكون سعيداً لأول مرة" هي من لغة الواقع وليست لغة واقعية. ولكي يصبح فيها أدب يجب أن تكتب هكذا: "عزف على اللينوتيب" وإذن، فإن الكتابة الواقعية لا يمكن أن تفضي إلا إلى حذلقة. يكتب كارودي أيضا في نفس الرواية: "بعد كل سطر، كانت الذراع النحيلة للينوتيب ترفع قبضتها عن القوالب الراقصة"، أو يكتب: "كل مداعبة من أصابعه توقظ وترعش المصلصلة الفرحة لقوالب النحاس التي تسقط داخل المزلقة في شكل مطر حاد النغمات". إن هذه الرطانة هي نفسها رطانة كاتوس وماكدلون.
طبيعي أن من الواجب أن نحسب حساب الابتذال، وهو في حالة كارودي كبير. وعند "أندريه ستيل" ستجد طرائق أكثر تكتماً إلا أنها، مع ذلك، لا تنجو من قواعد الكتابة الفنية – الواقعية. هنا لا تريد الاستعارة أن تكون أكثر من كليشه مندمج تماماً في اللغة الواقعية، وتعلن عن الأدب بدون تكاليف باهظة.
"واضح مثل ماء الصخرة" ، "أيدي رققها البرد" . إلخ .. فالحذلقة هنا مزاحة من المعجم ومنقولة إلى تركيب الجملة، وما يضفي طابع الأدب هو التقطيع المصطنع للمفعولات، كما الشأن عند موباسان: (بيد، رفع الركبتين يد مثنية ثنيتين"). فهذه اللغة المشبعة بالاصطلاح، لا تقدم الواقع إلا من خلال قوسين: إذ تستعمل كلمات شعبوية، وتهمل سياقات الجملة وسط تركيب أدبي محض .
إذن فإن الكتاب الشيوعيين هم الوحيدون الذين يساندون برباطة جأش، كتابة بورجوازية سبق للكتاب البورجوازيين أنفسم أن أدانوها منذ أمد طويل، أي منذ اليوم الذي أحسوا فيه بأنها متورطة في التضليل المتصل بأيديولوجيتهم الخاصة، أي منذ اليوم نفسه الذي وجدت الماركسية نفسها مُبَرَّرَة

.....
جزء من كتاب "الدرجة الصفر للكتابة " من فصل "الكتابة والثورة"
لرولان بارت
ت:د.محمد برادة
يصدر قريباً عن العين




الثلاثاء، 11 نوفمبر 2008

المؤرخ عبادة كحيلة يكتب ورات في الزمان الصعب


هنــا
عرض موقع محيط لكتاب ورقات في الزمان الصعب
لد.عبادة كحيلة والصادر عن دار العين للنشر
....
د.عبادة كحيلة أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة ،وصدر له العديد من الكتب في هذا المجال ،منها "الخصوصية الأندلسية وأصولها الجغرافية" و"تاريخ النصارى في الأندلس " و"عن الشعر والتاريخ:قراءة في القصائد السلفية " .

توقيع "مدينة بلا ألوان " في جناح العين بمعرض الشارقة


شهد جناح دار العين للنشر في معرض الشارقة حفل توقيع مجموعة قصصية للأديب والمسرحي العراقي عبد الإله عبد القادر عنوانها" مدينة بلا ألوان"، صادرة عن دار العين نفسها وتقع في 97 صفحة من الحجم المتوسط وهي المجموعة القصصية العاشرة له والكتاب رقم 41 الذي ينشره الكاتب، الذي لم تقتصر مساهمته في المكتبة العربية على القصة القصيرة فحسب، بل طالت الرواية والدراسات الأدبية والمسرحية .

أكد عبد القادر أن" مدينة بلا ألوان" هي امتداد للأجواء التي يتناولها عادة في سعيه الدؤوب وراء البحث عن الإنسان ويقول إن " هذا الإنسان أي إنسان هو المبتغى الأول والأخير أينما كان دون النظر إلى هويته أو جنسيته أو لونه أو جنسه، الإنسان المضطهد في أي مكان من العالم، فأنا أبحث عن المهمشين، عن المضطهدين، عن الناس الذين لم يبتسموا ذات يوم".

الأحد، 9 نوفمبر 2008

ورقات د.عبادة كحيلة في الزمان الصعب

رغم تنقل د. عبادة كحيلة بين العديد من الموضوعات في كتابه الجديد " ورقات في الزمن الصعب " والصادر عن دار العين للنشر ، إلا أنه يفلح في محاصرة القارىء بجو عام واحد يسيطر عليه من أول الكتاب ، فلا فصلات شعورية ،ولا تنافر بين أنواع القضايا التي يناقشها ، تعوقه في التسلسل المريح بين الفصول .
لدينا مقدمة لا تقتبس من المواضيع الداخلية للكتاب ، وإنما ينفس فيها الكاتب غضبه من أحوال البلد ، بم
ا يجهز فرشة جيدة لبقيةالكتاب . يلضم فيها بين تآكل الطبقة الوسطى وبين التهاون الشعبي ازاء قضية العراق ؛ يتحدث فيها عن الخصخصة وفساد السلطة وتدهور التعليم ، عن حزب الله وعن قضية العبارة ،وينهيها بالحديث عن دور المثقف .
.................................

بين العديد من الموضعات يمضي كاتبنا . أولاها عن ابن خلدون ، ويتوزع الكلام عنه على ثلاثة فصول.حيث يتناول أولها كتاب السيرةالذاتية الخاص به والذي خطه بنفسه تحت اسم " التعريف بابن خلدون ورحلته شرقاً وغرباً " . وفيه يوضح لنا حياته بالتفصيل ، يحكي عن كيفية انتقاله بين الأمصار المختلفة . ويتوقف قليلاً عند زيارته للقاهرة ورأيه فيها وفي أهلها وطبيعة شعبها .
لا يكتفي د. عبادة بذكر موجز للكتاب ، ولكنه يذكر ماله وماعليه ، فيذكر محاسنه ولا يخفي عيوبه التي يرى أن منها أن م
لكة الوصف عنده خابية ،كما يأخذ عليه أيضاً ولعه بالاستطرادات التي تعتور السياق بشكل لا يخدمه .
أما الفصل الثاني فيفرده للحديث عن مكانه عبد الرحمن بن خلدون كمؤرخ .فيستفيض في وصف الفترة التي لاذ فيعا بقلعة بني سلامة بالمغرب الأوسط ،حيث انصرف إلى تأليف كتابه الشهير " العبر وديوان المبتدأ والخ
بر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر " وهو الكتاب الذي يعرف اختصاراً ب"تاريخ ابن خلدون " .
ثم يستعرض الجدل المثار حول أسبقيةالكتابة بين كتاب ابن خلدون وبين مقدمته ، ويقدم الشواهد التي تجعل الكفة تميل لصالح الكتاب . حيث كتب المقدمة بعد الانتهاء من الكتاب .
ويحاول د. كحيلة الاجابة عن سؤال طرحه وهو " أين مكان ابن خلدون من علم التاريخ ؟" وذلك وهو متوخي الدقة ،فيعرض ما له ومعليه ،حتى لا يعطيه مكانة لا يسحقها ،وأيضاً حتى لا يبخسه حقه .
أما الفصل الأهم في هذا الصدد فهو الفصل الثالث الذي يعني بمحاولة ايجاد اسقاطات من آراء ابن خلدون على ظواهر وقضايا زماننا وذلك تحت عنوان دال وهو " عبد الرحمن بن خلدون .. حاضر في زماننا" . حيث يتعرض فيه لفكرة ابن خلدون عن أسباب قيام الدول وفنائها . والتي لخصها ف
ي :
· فساد السلطان
الذي _علي حد قول ابن خلدون _ يلجأ إلى فرض جبايات غير معتادة على الشعب ،ليصرف على ملذاته ، و
هذه الجبابات بدورها تؤدي إلى أن يرفع التجار أسعار سلعهم ، بسبب كثرة "المكوس "المفروضة عليهم ، وذلك حتي يستطيعوا التحايل عليها ،مما يترك أثره على الحالة الاقتصادية للبلاد ، و لا يبذل د. كحيلة جهداً كبيراُ في تبين أوجه التشابه بين ذلك الكلام وبين ما يحدث الآن في مصر .
· تخلي الدولة عن القيام بدورها في تدعيم السلع الأساسية أو الخصخصة
يذكر ابن خلدون أن من أسباب فناء الدول توقف السلطان عن الخصخصة واحتجانه للأموال ،وعدم صرفها في مصارفها ،مما يؤدي لوقوع الكساد ، الذي يترتب على توقف الحركة في الأسواق .
وهنا يذكر د. كحيلة أن ابن خلدون توصل إلى قانون اقتصادي مهم ،ويعتمده الكثير من علماء الاقتصاد ومنهم "كينز " وهو أن " الدولة هي السوق الأعظم أم الأسواق كلها ، وأصلها ومادتها في الدخل والخرج ، فإن كثرت وقلت مصارفها فأجدر بما بعدها من الأسواق أن يلحقها مثل ذلك وأشد منه " .
· ا
شتغال الحاكم بالتجارة
وما يتبعه ذلك من أن تكون هذه التجارة غير متكافئة الأطراف ، حيث يتفوق الحكام عن غيرهم بالمنصب ، وبأنهم يستطيعون فرض الأسعار على هواهم ،مما يؤدي لتدهور أحوال التجار ،وما يتبعه من قعود الفلاحين عن الفلاحة . وهذا الكلام بالتأكيد له مردود في عصرنا من تزاوج السلطة والمال ،وتقلد العديد من رجال الأعمال للمناصب السياسية مما يؤدي لاحتكار بعض السلع ومنها الأساسية وارتفاع أسعارها .
· تحول المجتمع لمجتمع استهلاكي
وليس
من العجب أن نجد ابن خلدون يتكلم عن المجتمع الاستهلاكي الذي يرى أنه نتيجة طبيعية لمثل هذه الأجواء ، حيث تصير القيمة السائدة هي قيمةالبحث عن الربح ، وأحيانا ً الربح بدون إنتاج ،وهو ما ندعوه في عصرنا ب"الريع " ،وهي قيمة لا يوافق عليها ابن خلدون لأن العمل عنده يشكل القيمة أو معظمها فهو يقول ما نصه " إنما المفادات والمكتسبات كلها أو أكثرها هي قيمة الأعمال الإنسانية "وهو هنا يقترب من نظرية كارل ماركس .
· نفاق وتملق حاشية السلطان
وعنئذٍ يكون الافراز الطبيعي لهذا المجتمع ، الذي يسوده الترف ،كما يسوده استقطاب طبقي حاد ،هو أن تكون الوسيلة الوحيدة للصعود هي الخضوع والتملق لأن الناس لا يستطيعون الوصول إلى غاياتهم دونها وبذا يرتفع الكثير من ا
لسفلة .
· الانقياد لأمة أخرى أكثر تحضراً
وذلك بأخذ مظاهر حضارتها دون الجوهر . ويضرب ابن خلدون مثالاً على ذلك بمملكة غرناطة التي تشبه أهلها بالجلالقة "الأسبان " فظلت دولتهم في انحدار إلى أن زالت من الوجود .
· أسلمة العلوم
فطن ابن خلدون لهذه الظاهرة قبل غيره من مفكرينا ، وهي ظاهرة تصاحب عصور الانحطاط ،ونشاهد بعض تجلياتها في عصرنا هذا ،فيقول ابن خلدون " وأما العلوم العقلية التي هي طبيعة للإنسان ، من حيث إنه ذو فكر ،فهي غير مختصة بملة ، بل يوجد النظر فيها لأهل الملل كلها ،ويستوفي في مداركها ومباحثها ، وهي موجودة في النوع الإنساني منذ كان عمران الخليقة " .
· هروب الأغنياء من البلد

حيث يهرع البعض من حاشية السلطان وخاصته إلى الهرب فيقول ابن خلدون " بما حصل في أيديهم من مال الدولة إلى قطر آخر ، يرون أنه أهنأ لهم وأسلم في إنفاقه وحصول ثمرته " . وهنا نشعر أن مفكرنا الكبير كان يستشرف المستقبل .
· استماتة السلطان على كرسيه ومنصبه
فحتى عند وصول الدولة إلى نهايتها ،ولم يعد للسلطان من سبيل إلى مدافعتها ،ويصير من واجبه أن يرحل ويترك سلطنته لمن هو أهل بها ، لا يفعل ذلك لأن " الملك منصب شريف ملذوذ يشتمل على جميع الخيرات الدنيوية والشهوات البدنية والملاذ النفسية فيقع فيه التنافس غالباُ ، وقل أن يسلمه أحد لصاحبه ، إلا إذا غلب عليه ، فتقع المنازعة ، وتفضي إلى الحرب والقتال والمغالبة " .
· اللجوء إلى الأبهة الفارغة من المضمون
كتعويض عن هٍرَم الدولة
· فلا يستطيع الملوك في هذه الملرحلة الت
خلي عما اعتاده من عادات الاترف التي استحكمت لسلفهم ،وأدت إلى ضعف الدولة وهرمها ،وهم يحاولون أن يعوضوا هذا الضعف بالأبهة الفارغة من المضمون " بالمناغان في المطاعم والملابس وتشييد القصور واستجاد
.....
· أما الموضوع الثاني الذي يتناوله د.كحيلة ،فهو عن جمال حمدان وذلك على مدار فصلين .أولاهما عن عروبة مصر في فكره ،والآخر في الدفاع عنه ضد النقد الموجه له من أحمد عباس صالح .
يسير معنا الكاتب خطوة بخطوة ليقف على الشواهد والدلائل في فكر جمال حمدان بما يؤكد فكرة عروبة مصر .
وهذه الشواهد لخصها في أن مصر لم تشهد هجرات أثرت في تكوينها العرقي أبدأً بخلاف الهجرة العربية التي كانت أول إضافة حقيق
ية إلى تكوين الشعب المصري ،كما كانت آخرها .
كما أن هذه الهجرة لم تغير التركيبة الأساسية للسكان بشكل كبير ، لأن العنصر العربي يعود إلى أصل قاعدي واحد مشترك مع العرق المصري ، أي أن هناك قرابة جنسية .
كما يؤكد حمدان على أهمية البعد الآسيوى لمصر "العربي أساساً " ،والذي يعتبره أهم أبعادها الحضارية ،فالنيل لا يجري في منتصف الصحراء ، إنما هو ينحاز إلى الشرق والدلتا مفتوحة على سيناء .كما يتميز هذا البعد بكونه بعد ارسال واستقبال معاً سواء على المستوى السياسي أو الحضاري أو التاريخي ،عكس البعد المتوسطي الذي يغلب عليه الا
ستقبال فقط .
كما أن أعظم أمجاد مصر الوطنية تحققت في إطار القومية الكبير ،فتوسع القرن التاسع عشر أكبر من توسع الفراعنة ،وأعظم معارك مصر لم تكن معارك تحوتمس ورمسيس ، إنما كانت معارك صلاح الدين وقطز وبيبرس ..ومحمد علي .
وفي الفصل الأخير في هذا الصدد والمعنون ب "متى نكف عن جحد العلماء " .يتعرض د.كحيلة بالتفنيد لكلام أحمد عباس صالح ،الذي يطعن في أساس فكرة كتاب حمدان " شخصية مصر " حيث يتهمه بأن مصر عنده فكرة غيبية هلامية لا علاقة بها بالمصريين . ويرد كحيلة عليه بأنه ليس مطلوباً من الجغرافي أن يكتب عن شخصية شعب ما فهذا من شأن المؤرخين وعلماء الاجتماع والأنثروبولوجيا والفولكلور ، المطلوب منه فقط أن يكتب عن شخصية وطن ما ،وهذا ما نهض به حمدان في مصر ونهض به جغرافيون غيره مثل زيجفريد وماكيندر في أقطار أخر
ى غير مصر .
ومطعن آخر لحمدان موجه من عباس أحمد صالح متمثل في مغالاته من وجهة نظره ،في تأثر البيئة الجغرافية ،ويرد د.كحيلة على هذا الرأي بأنه في المراحل المبكرة من الحضارة الإنسانية تكون الجغرافيا هي العامل الأهم في نشأة هذه الحضارة وفي تطورها ،ومن خلالها يمكن أن نفسر العديد من وقائع التاريخ ،فالامكانات المحدودة للإنسان في تلك المرحلة كانت أدنى من أن يتحكم في البيئة حوله .هذه الإمكانات المحدودة كانت تنمو على نحو وئيد ،ولم يقدر لها أن يصبح لها شأنها إلا مع مطالع العصر الحديث ، أي قبل مئات قليلة من السنين ،ورغ
ما عما جرى من تطورات هائلة في العلوم وتطبيقاتها على عصرنا هذا الذي نعيشه ،فما تزال الجغرافيا عنصراُ فاعلاً بين جملة أخرى من العناصر الفاعلة .
كما فند اتهام آخر له متعلق بتوقيت كتابة "شخصية مصر " ،حيث اتهمه عباس أحمد صالح بأنه كتبه بعد هزيمة 1967 ،وما أحدثته من إحباط مفاجىء بلغ حد اليأس وكراهية الذات لدى غالبية المصريين ،وأنه في مثل هذه الظروف يكون رد الفعل إما بمواجهة كل ما حدث ونقده واكتشاف الأخطاء ،وإما بتقوية العزيمة بالإعتزاز بالنفس وبتاريخها وبث الحماسة في النفوس ،وخطورة الاتجاه الثاني هو أن تنسب الهزيمة لل
قوى التاريخية ويتولد نوع من المكابرة وتجاهل الأسباب الحقيقية . وعليه جاء كتاب حمدان بالحل الثاني ليعيد الثقة إلى المصريين .
هذا الكلام يعتبره د. كحيلة لا محل له من الإعراب ولا علاقة له بالتحليل النفسي ولا أي تحليل آخر غير نفسي ،لسبب بسيط هو أن "حمدان " انتهى من تأليف كتابه "في طبعته الأولى "قبيل هزيمة 1967 . أي أنه ليس ردة فعل لهذه الهزيمة .
......
أما الموضوع الثالث فيتطرق فيه لسيرة رؤوف عباس الذاتية المعنونة ب"ومشيناها خطى " وهوالكتاب الذي أثار ضجة داخل وطنه وخارجه .

يقوم د. كحيلة بعمل موجز لهذه السيرة ،بشكل يوضح ملامح رؤوف عباس كشخص ،وبشكل يضعه نموذجاً للمثقف الذي يقف في وجه الفساد ،وأستاذ الجامعة الذي يتصدي لطغيان جوقة الأساتذة المنافقين .
....
وهنا يترك د.كحيلة كل هذه الشخصيات ، ويتحول لموضوع يراه مهماً وهو عن الرقيق في العصور القديمة وذلك حسب ما ورد في كتاب ل "أحمد فؤاد بلبع " .
يحاول الكاتب تتبع تاريخ الرق وأسباب ظهوره ،حيث ارتبط بالمرحلة التاريخية التي مال الإنسان فيها إلى الاستقرار بعد اختراع الزراعة واكتشاف المعادن حيث عندها اضطر لبذل جهد كبير لتأمين ما يحتاجه . وهنا فكر في استغلال المنهزم في الصراعات في استثماره كقوة عمل .ومن هنا ظهر الرق . ثم أخذ يعدد المصادر الأساسية للرق بعد ذلك ،و
التي منها أسرى الحرب ،أو حيازتهم عن طريق الاختطاف .
كما يوضح لمواقف الحضارات والديانات المختلفة من الرق .كما يتعرض لآراء بعض المفكرين والفلاسفة الذين دلوا بدلوهم في هذا الصدد مثل أرسطو الذي اعتبر الرق سنة من سنن الكون .
.....

كما يفتح د.كحيلة موضوعاً عزيزاً على قلبه وهو مخاطر العولمة على بلدان العالم الثالث ،وذلك من خلال عرضه لكتاب "دكتاتورية رأس المال "للمفكر المصري "أديب ديمتري" .
يعرف الكاتب العولمة
على أنها تكامل الأسواق الوطنية، واندماجها فى سوق عالمى، (الصحيح عالمية)، يحكم ويسيطر على هذه الأسواق، ويسلبها سيادتها الوطنية" ، ويخرج من هذا التعريف بأنها داروينية، هدفها إزاحة العوائق من حركة رأس المال، والنهب على اتساع العالم كله ، تساعدها التكنولوجيا المتقدمة فى الاتصالات والمعلومات، لتحقيق عائد سريع، من خلال "مرونة العمل.
ومن ثم يعدد أدوات العولمة للسيطرة على العالم وهي أربع أدوات؛ أولاها: الشركات المتعددة الجنسية، فوق القومية (أفضل تعبير المتعدية الجنسية)، وموطنها الأصلى فى البلدان الصناعية المتقدمة، وهى تركز على قطاع الخدمات فى استثماراتها، حيث العائد أكبر (فى مصر كنتاكى وماكدونالدز... فى الدواخل، والقرى السياحية لدى السواحل)، وهى – من ثم – قطاعات قليلة العمالة، كما إن هذه الشركات لديها ميل إلى الاندماج، مما يفضى إلى الاحتكار، وقد تتعاون فيما بينها فى صناعة منتج واحد، بهدف خفض التكلفة، ثم هى معادية للنقابات، فيما يسمى بالمرونة، من خفض للأجور وفصل جماعى ( فى مصر شواهد عليه)، ولما كان هاجسها هو الربح... الربح فحسب، تحول جانب كبير ( أو الجانب الأكبر من نشاطها) إلى سوق المال والمضاربة.

الأداة الثانية: هى المؤسسات المالية العالمية لتوظيف الأموال، وتشمل المصارف الكبرى وشركات التأمين ووكالات السمسرة فى البورصة وغيرها، والتربح بما لديها من أسهم وسندات.
الأداة الثالثة: هى الثورة العلمية والتكنولوجية.. ثورة الروبوت والكومبيوتر والإنترنت، يوضحها إنه إذا انخفض سعر الفائدة فى الولايات المتحدة، تأثرت أسعار الأسهم فى اللحظة ذاتها فى ماليزيا.
الأداة الرابعة والأخيرة: هى المؤسسات الاقتصادية الدولية؛ وأخطرها صندوق النقد الدولى والبنك الدولى ومنظمة التجارة العالمية؛ وهى امتداد لمنظمة الجات وتطوير عملى لها.
وكنتيجة على ذلك يتقلص دور الدولة في دول العالم الثالث، وما صاحب ذلك من نزح لثروتها وتدمير لبيئتها، وصار عبء خدمة الديون يستهلك معظم مواردها، وسقط قسم كبير من رأس مالها القومى المنتج بخصخصة الشركات العامة، ووقوعها فى قبضة رأس المال المالى المعولم، وهدمت الصناعات القليلة القائمة، وتراجعت الإنتاجية الزراعية، وهربت رءوس الأموال المحلية، واستفحلت أوبئة كالإيدز، بسبب إصرارشركات الدواء العالمية على حقوق الملكية الفكرية، مما يجعل ثمن الدواء يفوق طاقة الضحايا ومعظمهم أفارقة.. رافق ذلك هجرة العقول إلى الخارج، وغزو فكرى إلى الداخل، من أجل فرض "النموذج الأمريكى" على العالم، مما يهدد الثقافات المحلية من ناحية، ويؤدى إلى صعود التيارات الظلامية من ناحية أخرى، وتهاوى الطبقة الوسطى أو تآكلها... وأخيرًا وليس آخرًا ذبول الدولة الوطنية، بحيث صارت مهمتها إدارة شئون البلاد لحساب الشركات العالمية، وتحولها إلى دكتاتوريات قمعية، خصوصًا بعد التداخل بين دوائر الحكم وبين دوائر المال والأعمال.
....
أما موضوعه الأخير فيحاول فيه الانتصار للعرب ،أو بمعنى أدق الانتصار لما قدمته الحضارة العربية للعالم . ويستعرض فيه اسهاماتها في مجال الانسانيات التي رأي أن العرب لهم أسبقية في اختراق هذه العلوم ،ولهم دور كذلك في تطوير ما وصلهم منها من الحضارتين اليوونانية والاغريقية ليقوموا بتقديمها على طبق من ذهب للحضارة الأوروبية .
وبين الرثاء للحالة المصرية وبين الفخر بالحضارة العربية مضى كتاب د.كحيلة ، الذي كان بمثابة رحلة سريعة بين موضوعات رأى فتحها مهم في هذا الزمان الصعب كما وصفه في عنوان كتابه .

الاثنين، 27 أكتوبر 2008

المسرح .. في عيون د.نهاد صليحة

قد يبدو عنوان كتاب د. نهاد صليحة الجديد والصادر عن دار العين للنشر ، خادعاً بطريقة ما أو بأخرى ، فالكتاب الذي يحمل اسم " المرأة بين الفن والعشق والزواج ... قراءة في مذكرات فاطمة سري " لا تتحمل فصوله التسعة مسؤولية هذا العنوان ، وإنما قد ينطبق على فصلين فقط منهما هما الأول " قراءة في مذكرات فاطمة سري " والثاني " المسرح بين حضور الكلمة وغياب الجسد " ، بينما تمضي بقية الفصول لمناقشة قضايا أخرى منها "المسرح بين الضحك والكوميديا " و"رحلة أسامة أنور عكاشة في المسرح " و" المسرح بين النسبية والخلود " . إذن فهو وإن كان حتى مهتم بمناقشة قضايا معينة تخص المرأة في بعض فصوله ، فإنه يدرجها في إطار علاقتها بالمسرح .
في الفصل الأول ، تلعب صليحة دور المحقق الذي يفتش وراء أحداث قديمة ، دفنت بعض آثارها . فقد شغلتها قضية فاطمة سري _ كمغنية ومسرحية في المقام الأول _ وعلاقتها بمحمد بك الشعراوي _ ابن هدي شعراوي _ في عشرينات القرن الماضي .
وهي في بحثها لا تحاول تحري الخيوط التي قد تقود إلى إدانتها أو إلى مساندتها ، وإنما فقط تحاول أن تكشف هذه الشخصية على الملأ .
حيث تستعرض في بعض الأجزاء كيفية رؤية فاطمة لطبيعة عملها كمغنية ، هل تكن للمسرح الاحترام الكافي ، أم أنه سبوبة لأكل العيش ؟. هل تحترم الوسط الذي تعيش فيه ؟ أم تراه وسطاً مليئاً بالأوبئة تحاول أن تني بأبنائها عن الاختلاط بمريديه .
تزوجت فاطمةعرفياً من ابن هدى شعراوي الذي حاول التملص من علاقتها به ، بعد أن ولدت ابنتهما ليلى ، فكيف يعلن على الملأ زيجته بهذه المغنية التي لا تليق به . ومن هنا بدأت رحلة فاطمة في المحاكم لإثبات بنوة الطفلة لأبيها .
صليحة ترى في هذا الحادث نقطة لصالح فاطمة ، ولكنها ترجع وتتساءل هل كان هذا من أجل أبنائها ، أم من أجل التصاق اسمها بعائلة ذات حسب ونسب مثل عائلة شعراوي .
لم تتناول صليحة قضية فاطمة بمثل هذا التسطيح الذي يناسب حادثة عابرة في صفحات النجوم ، وإنما تناولته من زاوية حياة المرأة الفنانة ، في مجتمع قد لا يكن لها كل الاحترام بسبب امتهانها هذه المهنة . وكيفية تأثير أفكار هذا المجتمع على العاملات في هذا المجال بدورهن . فقد تعمل إحداهن في الفن ، ولكنها في دخيلة نفسها تراه منحطاً .
وترصد لأمثلة عديدة من رائدات المسرح المصري آنذاك مثل أمينة رزق وفاطمة رشدي ومنيرة المهدية وغيرهن ، اللذان احترما فنهما ، ولم يستسلما للأفكار الأبوية المسيطرة على المجتمع .


وفي الفصل الثاني المعنون ب " المسرح بين حضور الكلمة وغياب الجسد " ، تحلل د. نهاد صليحة النظرة الشيزوفرينية لفن المسرح ،من قبل بعض الاتجاهات التي تاره منحطاً ، بل ومن بعض المفكرين والمسرحيين أيضاً مثل توفيق الحكيم ، الذي فضل أن تقرأ مسرحياته على أن تمثل . ومثل أرسطو الذي ترى فكره متجاوباً مع منظومة القيم الأبوية في العالم العربي .وهي النظرة التي ترى في سفور المرأة " المحترمة " _أي التي تنتمي إلى الطبقى المتوسطة أو الطبقات الأعلي _ وخروجها إلى الحياة العامة ، ناهيك عن مشاركتها في النشاط المسرحي، عاراً وخطيئة .

كما تتكلم عن اتجاه " المسرح المحترم " والذي تراه مصطلح غريب ومضلل فكلمة محترم تغدو كلمة فضفاضة ، ونسبية ،ومن ثم مراوغة وملتبسة المعنى وكأنها كلمة حق يراد بها باطل . فالحديث عن فنان "يحترم " فنه ولا يبتذله ، يختلف عن الدعوة إلى مسرح محترم ، ففي الحالة الأولى يحيل التعبير إلى أصول المهنة وقواعدها ، وإلى أخلاقياتها التي تختص بإجادة العمل وإتقانه ، وتطويره بعيداً عن مغريات السوق أو ضغوط الأيديولوجيات المهيمنة . أما في الحالة الثانية ، فالعبارة تحمل ظلالاً طبقية ، وتحيل إلى مكان أنيق آمن مريح للمتعة والترفيه ، لايرتاده السوقة أو الدهماء ، ولا يجد فيه زبائنه من أواسط أو علية القوم ما يقلقهم أو يصدمهم أو يخرج عن أفكارهم المعتادة أو أنماط توقعاتهم المألوفة .
بينما في فصلها الثالث ، تترك علاقة المرأة بالمسرح لحالها ، وتتجه لتحليل الجذور التاريخية للظاهرة المونودرامية وتطوراتها .
حيث ترى الكاتبة أن هذا الظهور المفاجىء لعروض المونودراما ،وغلبة النموذج الأدبي منها على النموذج الشعبي ، هو نتيجة لحالة الإحباط والإنكسار والإحساس بالضياع التي واكبت تلك الفترة التاريخية نتيجة لهزيمة يونيو ، وانهيار الحلم الاشتركي ،وبعده حلم الوحدة العربية ،ففي ظل هذه الظروف النفسية ،اتجه فريق من المثقفين والكتاب إلى الدين بحثاً عن العزاء وعن أيديولوجية بديلة ،وانصرفت فئة أخرى إلى التعبير الفني عن أحاسيس العزلة والحصار واستحالة التواصل ،واليأس من الحلول الاجتماعية ،ووجدت الشكل الأمثل لرؤيتها هذه في النموذج المونودرامي الأدبي الذي يجسد في شكله الفني واقع عزلة الفرد وعجزه
ومن زاوية أخرى ، ترى أنه صار متنفساُ للمسرح النسوي ،الذي وجد فيه وسيلة للخروج منأسر المسرح الذي يعتمد على النصوص الدرامية ،واستراتيجية فعالة تمكن النساء من اخضاع الثقافة الأبوية .
..............
وفي فصلها المعنون ب " المسرح بين الإرسال والتلقي " ،تحاول الكاتبة سد الثغرة في الدراسات التي تطرقت إلى موضوع عمليات التلقي والتواصل في الفعل المسرحي ،حيث على كثرة ما كتب من مقالات وتأملات حول أزمة المسرح ،وظاهرة انصراف الجمهور عنه ،لا توجد دراسات علمية لجمهور المسرح .
وقامت بطرح عدة أسئلة من شأن الإجابة عليها تحديد منظور لتناول المشكلة منها:
_ إلى من يتوجه العرض برسالته؟
_ هل ما يتلقاه المتفرج في المسرح هو الرسالة المقصودة جمالياً وفنياً ؟
_ هل يبث العرض المسرحي رسالة واحدة مصدرها المرسل ، أم يبث رسائل منوعة إلى جمهور منوع ، يختلف في درجة كفاءة الاستقبال والوضع الاجتماعي والثقافي .
....
بينما تعارض في الفصل المعنون ب" المسرح بين النسبية والخلود " وصف النقاد لبعض الأعمال الدرامية بأنها أعمال خالدة فيقال مثلاً " رائعة شكسبير الخالدة " وترى أن هذا الوصف ملىء بالزيف ،وتمضي لشرح أسباب هذا الزيف فأولا هو يتجاهل حقيقة هامة ،وهي أن العواطف الإنسانية لا توجد في فراغ ، بل يتم استشفافها من خلال ممارسات اجتماعية وحضارية تجسدها وتحورها.وثانياً هذه الفرضية وهي أن أن هذه الأعمال تفرض نفسها على العالم دون وسيط، وتغفل عمداً الدور الذي يلعبه الموصِّل في فرض هذه الأعمال .وفي هذا الإغفال تجاهل متعمد لحقائق التاريخ ،فهل كان شكسبير ليفرض نفسه علينا بهذه الصورة لو لم تكن انجلترا قد استعمرت أكثر من نصف العالم في القرن التاسع عشر ؟
أما السبب الثالث فيكمن في التسليم الخاطىء بأن هذا العمل الفني يحوي معنى ثابتاً لا يتغير ،يضعه الفنان بحيث يضمن له الخلود .
وهي ترى أن سبب خلود كاتب مثل " وليام شكسبير " هو أن أعماله تعرضت لنوع من التناول الجدلي من قبل المخرجين في كل أنحاء العالم ،حيث فسرت أعماله في ضوء الفلسفة الاشتراكية والوجودية وفي ضوء النظرية الليبرالية ،ونظريات فرويد ويونج في علم النفس ،وعلم الأنثروبولوجيا ،وفي إطار التيارات الثورية في عدد من البلاد . وليس لكون أعماله عظيمة في حد ذاتها .
كما تتطرق بالتحليل لموجةالمباشرة والتقرير التي تجتاح المسرح الآن ،وما يتبعه من شيوع كلمة " الاسقاط " في النقد المسرحي ، فهي على عكس الآراء المعتادة ، لاترى أن السبب يعود إلى شدة الرقابة بقدر ما يعود إلى تضارب التيارات الفكرية وتخبطها ،وعدم وضوح الرؤية . إذ حين ينتفي إطار الدلالة الواضح المشترك ، يحاول كل تيار فكري أن ينظر إلى العمل الفني باعتباره دعوة لصالحه وإسقاطاً لرؤيته . كذلك يصبح رد العمل الدرامي إلى وقائع محددة ومعروفة للجميع أو شخصيات أو فترة بعينها هو أسهل وسيلة للتفسير وأبسطها وأكثرها تسطحاً .
.....
وفي الفصل الخاص ب دراسة المسرح بين الضحك والكوميديا ،ترى د. نهاد صليحة أن معظم نتاج الكوميديا العربية قائم على التنفيس ،سواء اتخذ هذا التنفيس شكل كسر التابوهات الأخلاقية ( في صورة الثورة على التقاليد أو الإشارات الجنسية أوالإباحية اللفظية ) أو اتخذ شكل الفكاهة العدوانية .
وهي لا تتخذ موقفاً معارضاً لهذا المسرح ، أو حتى متحفظأً عليه ، بل على العكس فإنها ترى فيه طريقة للتشكيك في اعتيادية الأنظمة التراتبية والأدوار الاجتماعية وسلطتاه وكذلك في النظر إليها باعتبارها قوانين طبيعية أو حقائق أزلية ، ولكنها في نفس الوقت ترى أن حدوث هذه الاحتفالات الكرنفالية في أوقات ومناطق معينة ، يحددها النظام ، قد يكون مريباً ، بل ويجعل البعض يتشكك في فاعليتها .

وفي فصلها الأخير تتعرض للتجربة المسرحية للكاتب التلفزيوني الأصل " أسامة أنور عكاشة " حيث تقدم رؤية لمسرحياته بداية من " الناس اللي في التالت " إلى " ولاد اللذينة " .
.....
ومن خلال هذا العرض يمكننا تبين أن د. نهاد صليحة في كتابها ، لا تحاول أن تعرض ما هو معروف سلفاً ومحفوظ عن القضايا التي طرحتها ، بل تحاول تقديم رؤية خاصة بها ، وتعرض في ثناياها بعض الآراء الأخرى ، تتفق مع بعضها وتفند الأخرى .
كما يتميز طرحها بالشمولية النسبية ، حيث تحاول تتبع تاريخ كل ظاهرة أو موضوع تتحدث فيه ، لتضع القارء في سياق الفكرة المناسب ، ليكون ملماً بتطوراتها المحتلفة ، ليقف على الأسباب والنتائج ، ويكون له بدوره هو الآخر رؤيته الخاصة .
صليحة التي خدعنا عنوان كتابها في البداية ، والتي استترت فيه كل هذه الدراسات تحت اسم " ودراسات أخرى " في العنوان ، تقدم كتاب مهم وحيوي لكل مهتم بالمسرح العربي ، بل وتطرح في بعض الفصول حلولاً للخروج من أزمته الحالية .

الاثنين، 20 أكتوبر 2008

جروب جديد .. لكم ينفق المصريون على التعليم ؟


تم تأسيس جروب جديد على الفيس بوك خاص بكتاب "كم ينفق المصريون على التعليم ؟"
في هذا الجروب يتم مناقشة قضية " انفاق المصريين على التعليم ؟" والتي فجرها الكتاب الذي من تأليف د. عبد الخالق فاروق ، والصدار عن دار العين للنشر .
نكتشف فيه كيف يمكن أن تساهم بعض القوي في المجتمع في تحويل التعليم إلى الخصخصة بحيث يكون خاضعاً لآليات السوق । وذلك بأدوات كثيرة منها الدروس الخصوصية ونبذ الشكل الحكومي للمدرسة وغيرها من الوسائل التي تخدمها قوي لها مصالحها .

الأربعاء، 15 أكتوبر 2008

نتساءل في دار العين .. كم ينفق المصريون على التعليم ؟



د. عبد الخالق فاروق
_ أصبح التعليم يشكل كتلة مصالح اقتصادية واجتماعية وسياسية ،وكتابي يهدف لمعرفة طبيعة الخرائط الاجتماعية للنظام التعليمي المصري والقوى التي تقف وراءه .
_ هناك من يريد الغاء مجانية التعليم ، ليرضخ ل" آلية السوق " ونظام العرض والطلب


د. حامد عمار
_
" الموضة " والتقاليع التعليمية ، هي كل ما يشغل بال وزيرا التعليم ، فمرة يسمونها "المدرسة الذكية " ومرة " معايير الجودة في التعليم " وكلها دمامل في جسد التعليم

د. نادر الفرجاني
_ عن الدروس الخصوصية : الحكومة تفتح المدارس ليلتقي فيها المدرسون بالمستهلكين المحتملين الذين سيقابلونهم بعد الظهر

د. كريمة الحفناوي
_ نظام السيناريوهات الذي اعتمده د. فاروق ، يؤكد انعدام الشفافية بين المواطن والدولة

د. مصطفى قهمي
_ كيف يكون وزيراً للتعليم .. ويبيع أرض الجامعة ؟

د. نبيل علي
_
السؤال الأهم : هو أين تذهب كل هذه الأموال التي تنفق على التعليم ؟
_ إذا كان الإعلام هو الطفل المدلل للسلطة ، فإن التعليم هو الطفل الشقي لها
…………….
" لم أكن أعني بتناول اقتصاديات التعليم فقط " هكذا بدأ د. عبد الخالق فاروق كلمته في الندوة التي عقدتها دار العين للنشر لمناقشة كتابه " كم ينفق المصريون على التعليم ؟ " والصادر عن الدار ، وذلك يوم الاثنين 13_ 10 _2008 . وأوضح عبد الخالق كلامه ، بأن كتابه الذي يبدو وكأنه محاولة لمعرفة الأحجام المالية للتكاليف التي تتحملها العائلات المصرية ، لا يكتفي بهذا فقط ، بل إنه يهدف في الأساس لمعرفة طبيعة الخرائط الاجتماعية للنظام التعليمي المصري ، والقوى التي تقف وراءه .
وأضاف بأن سوق التعليم أصبح يشكل كتلة مصالح اجتماعية واقتصادية وسياسية . وأن هناك قوى ترمى إلى الغاء فكرة مجانية التعليم ، وتود الدفع به لنظام جديد قائم على " آلية السوق " .
ويركز د. فاروق في كلامه على فكرة " المدرسة الحكومية " باعتبارها حجر الأساس لأي فكرة لاصلاح المشروع التعليمي .
وفي تعليق على المدراس الخاصة أكد بأنه لا يرفض أن يذهب أولاد الأغنياء لهذا النوع من المدارس ، لكنه متخوف من ازدهارها بحيث تحجم من اعتماد فكرة " المدرسة الحكومية " في النظام التعليمي .
وعن منهجه في البحث في الكتاب يقول بأنه اعتمد أسلوب السيناريوهات لعدة أسباب وهي :
أولاً : أنه في تحليل أي ظاهرة اجتماعية لا نمتلك _ وفي الحالة المصرية خصوصاً _ بيانات تفصيلية في مجال الإحصاءات ، تعطينا مؤشرات يمكن الاعتماد عليها بشكل قاطع .
وثانياً : حتى يعطي مساحة للمرونة في الحكم ، حتى لا يتم اتهامه بالمبالغة أو التهوين ، أو حتى بالتحيز لتلك الظاهرة أو تلك .
وقد اعتمد الكاتب على ثلاث سيناريوهات ، سيناريو منخفض ، وسيناريو متوسط ، وسيناريو مرتفع . وقسم بنود النفقات إلى إنفاق حكومي رسمي وإنفاق عائلي يضم تحته بنود مثل الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية المدرسية ، والتعليم الخاص ، والكتب الخارجية والملخصات التعليمية .. الخ .
ويصف إعطاء المدرسين دروساً خصوصية ب" الخطيئة الجبرية " حيث أن دخل المدرس قليل ، بل إن زميله في الإدارات المركزية يأخذ 15 ضعف مرتبه بلا مبالغة . وبالتالي نصل لنتيجة أن إدارة الموارد المالية في القطاع التعليمي بحاجة إلى إعادة نظر . فلو ارتفع مرتب المدرس من 500 جنيه إلى 1500 شهرياً ، لانتفت حاجته إلى الدروس الخصوصية .
كما يؤكد على نقطة أخرى تمس سوء توزيع الأجور ، حيث أن الحكومة مع نهاية كل عام ، تعطي للمدرس مكافأة مالية ، مع عدم زيادة فيا لمرتب الأصلي । وهذا يعطي عدم استقرار لحياة المدرس . فلماذا لا يكون المرتب الشهري معقول بحيث يزيد إحساسه بالاستقرار المالي .
وأكد أنه في بحثه لظاهرة الدروس الخصوصية حاول تقدير سعر الحصة ، باختلاف المناطق الجغرافية ، حيث أخذ 420 مفردة عشوائية . وقد اعتمد هذا الأسلوب لأنه بالتأكيد سعر الحصة في القرية يختلف عنه في المدينة ، ويختلف في جاردن سيتي عنه في بولاق أبو العلا .
وأوجز د. فاروق ما توصل إليه في عجالة فقال أنه :
_ حسب السيناريو المنخفض فإن النفقات العائلية على الأبناء وصلت إلى 17.7 مليار جنيه ،وحسب السيناريو المتوسط فقد وصلت التكلفة إلى 21.1 مليار جنيه ، بينما تصل في السيناريو المرتفع إلى 32.4 مليار جنيه .
وإذا تم إضافة تكاليف الانتقالات ومصاريف الجيب ووجبة الإفطار ومصاريف المدارس الخاصة إلى التكلفة فإنها ستصل في السيناريو المنخفض إلى 19.2 مليار جنيه ، وفي المتوسط إلى 37 مليار جنيه ، وفي المرتفع إلى 53 مليار جنيه ، هذا بخلاف النفقات الحكومية التي تصل في المتوسط إلى 26 مليار جنيه .

..............
ومن جانبه أشاد د. حامد عمار بالكاتب والكتاب ،مؤكداً أنه كتاب متفرد لأن ما يدور في كليات التربية عن اقتصاديات التعليم لا يتعدى مجرد الإشادة بدور التعليم في التنمية الاقتصادية ودوره في إعداد القوى البشرية للالتحاق بسوق العمل .
ويتميز هذا الكتاب بالإلمام والتركيز على عملية التكلفة ، حيث جرى العرف في كتابات التربويين أن تطرح أفكار وتقدم استراتيجيات ، لكن لا أحد يفكر في التكلفة .
ثم تحدث عن دور طه حسين في إقرار مجانية التعليم في الدولة المصرية . حيث هاج وماج عليه مجلس الشعب عندما اتخذ هذا القرار ، فوقف وقال " على وزير المالية أن يدبر المال " .
وذكر د. عمار بأن هيئة اليونسكو تقول أنه لا يتوقع من أي دولة نامية أن تلحق بركب التقدم ، إلا إذا خصص للتعليم 6% من الموازنة العامة . ويضيف أن الناتج المحلي الإجمالي سوف يصل في عام 2009 إلى تريليون جنيه ، فلو خصص 6% منهم للتعليم ، أي حوالي 60 مليار جنيه ، لتغير وجه التعليم في مصر .
كما وجه د. عمار اللوم لكل من وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي ، اللذان حسب رأيه ، كل همهم أن يضيفوا شيئاً جديداً كمالياً إلى النظام التعليمي . حيث أنهم بين فينة والأخرى يغيرون من النظام كأنه موضة ، ويتركون الجوهر الحقيقي لفكرة التعليم ، بل ويقومون بألاعيب يسمونها " معايير الجودة في التعليم " و" المدرسة الذكية " وخلافه .
ولو أنفقت هذه الأموال في لب التعليم لكان أفضل . فهذه الأفكار مثل "دمامل " أو " فقاقيع" في جسد التعليم .
كما أضاف بأن " الأزمة قد بلغت ذروتها " ، فهاهو الوزير يطلع علينا " بخزعبلة " جديدة وهي حكاية " إلغاء شهادة الثانوية العامة . واعتبار مرحلة التعليم الثانوي مرحلة منتهية .
...............

أما د. نادر الفرجاني فقد أكد أن موضوع أهمية التعليم لا يحتاج إلى تقرير . فالمجتمع لن يتقدم إلا بتعليم جيد . وقال بأن الأسر المصرية تنفق على التعليم 54 مليار جنيه ، وهو ضعف المبلغ الذي تنفقه الحكومة . مما يؤكد أمرين أولهما أن هناك خلل من نوع ما . فالطبيعي أن الدولة هي التي تتحمل تكلفة التعليم ، ولكنها هنا مقصرة في أداء واجبها .
وثانيهما أن هذا المبلغ يؤكد مدي اهتمام الأسرة المصرية بالتعليم ، فلو أخذنا هذا المبلغ وقسمناه على عدد الأسر المصرية ، لوجدنا أن كل أسرة تتكلف حوالي 3 آلاف جنيه في السنة من أجل التعليم.
فماذا يفعل المواطن البسيط الذي لا يزيد دخله الشهري عن 100 جنيه . من أين يأتي بالثلاثة آلاف جنيه .
ومن جانب آخر ذكر د. الفرجاني عدة ملاحظات على الكتاب وهي :
1_ أنه عندما نتكلم عن تطور الإنفاق الحكومي لابد أن نأخذ في الاعتبار أمرين هما مشكلة التضخم ، وزيادة أعداد التلاميذ من عام لعام . لذا فإن الزيادة في الإنفاق الحكومي على التعليم ، أقل بكثير مما تم ذكره فيا لكتاب ، إذا وضعنا هاتين المشكلتين في الحسبان . وهذا يؤكد على تقصير الدولة في أداء عملها .

2_ اعترض على إطلاق تسمية السوق السوداء على الدروس الخصوصية ، واعتبرها سوق موازية . لسبب بسيط وهو أنه لإطلاق تسمية السوق السوداء لابد من ثلاثة صفات وهي أن تكون مُجَرَّمة ، وأن تكون في الخفاء ، وأن تحاربها الحكومة . وهو هنا يجد أن الحكومة لا تعاديها ، بالرغم من أنها تقول ذلك في الظاهر ، ولكنها في الحقيقة تساعدها على النمو بشتى الطرق والوسائل .
ويذكر هنا قول عن الدروس الخصوصية أنه " وكأن الحكومة تفتح المدارس ليلتقي فيها المدرسون بالمستهلكين المحتملين الذين سيقابلونهم بعد الظهر " .
إذن هذه سوق موازية تقوم بدور ناتج عن فشل النظام التعليمي الحكومي .
3_ لم يتطرق الكاتب لكفاءة النفاق الحكومي . فكان يجب نقاش مدى هذه الكفاءة . ولو حتى بالموازين الرسمية مثل الحصول على درجات عالية في الامتحانات وما شابه .
....
بينما اعترض د. مصطفى فهمي على كلمة د. عبد الخالق فاروق بأن من حق الأغنياء أن يدخلوا أبناءهم مدارس خاصة " على كيفهم " وكان وجه اعتراضه بأنه لابد أن تكون استراتيجية معينة يمشي عليها الجميع . فلابد أن تكون هناك سيطرة على التعليم الأساسي ونحن نعاني في مصر من عدم وجود استراتيجية ، فكل وزير يأتي بشيء يهدم به عمل السابق عليه .
وانتقد وزير التعليم بقوله " كيف يكون وزيراً للتعليم ويبيع أرض الجامعة ؟ "
.....
ومن جانبها قالت د. كريمة الحفناوي بأن منهج السيناريوهات الذي اعتمده د. عبد الخالق فاروق في بحثه ، تيؤكد غياب معلومات من المفترض توافرها في أيدي المواطنين ، بما يؤكد انعدام الشفافية بين الحكومة والمواطن .
كما أكدت أن اللجوء للمدارس الخاصة لا يكون بسبب " إني عندي فلوس " فقط . ولكن لأن المدرسة الحكومية لا تقوم بدورها على الوجه الأكمل ، مما يضطر الأسر لإرسال أبنائها لأخذ دروس خصوصية . إذن فبدل أن يعطوهم هذه الدروس يرسلوهم لمدارس خاصة تعرف كيف تؤدي واجبها .
.........
أما د. نبيل علي ، فقد طرح سؤالاً هو " أين تذهب كل هذه الأموال التي تنفق على التعليم ؟ " . فالخريجين لا يجدون لهم أماكن شاغرة في سوق العمل . بل والأنكى أن هذه الأموال لا تؤتي ثمارها ، فالتعليم نفسه سيء ، إذن فإننا نحصل على نزيف داخلي للعقول وهو أخطر من النزيف المالي .
وأكد د. نبيل على الدور السياسي للتعليم ، فإذا كان الإعلام هو الطفل المدلل للسلطة ، فإن التعليم هو الطفل الشقي لها . كما أكد أن المجتمع بدون تعليم وتربية جيدين فإنه يعيد إنتاج نفسه ، حيث تستمر الأسر الجاهلة في توارث جهلها على مدي أجيال .
....
وعلق أحد الحضور على ما ذكره د. حامد عمار ، من تفكير الوزير في إلغاء الثانوية العامة ، بأن هذه الشهادة هي آخر خط دفاع متبقي للمساواة بين المصريين . فمنذ أن بدأ مكتب التنسيق عمله ولم نسمع أي شكوى . كما يرى أن هذا القرار سوف يؤدي لفتح باب المحسوبية ، ويلقي بأعباء لوجستية على الدولة .
....
وفي تعليق على نفس الموضوع قال فرد آخر من الحضور ، أنه استمع منذ أيام لبرنامج " حالة حوار " على القناة الأرضية المصرية ، حيث كان مستضيفاً وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي ، بينما الحضور من الشباب حديثو التخرج ، ووجد أن هناك فجوة بين الواقع الذي يقره الشباب وبين التصريحات التي يلقيها الوزيران .

هذا بينما طرح الحضور عدة مشاكل تواجه التعليم ، مثل مشكلة " الترمين " التي يراها أحدهم بدعة لا أساس لها من الصحة ، وتضيع وقت التلاميذ وتهدر أموال . فبعد أن يكون الطالب امتلك كتبا للتيرم الأول ، فإنه يرميها مع بداية التيرم الثاني ، ويقتني كتباً جديدة بأعباء جديدة على الأسرة .

الاثنين، 13 أكتوبر 2008

ندوة ل " كم ينفق المصريون على التعليم ؟"

تقيم دار العين للنشر ندوة لمناقشة كتاب " كم ينفق المصريون على التعليم" تأليف د. عبد الخالق فاروق, و الصادر عن الدار و ذلك يوم الأثنين الموافق 13/10/2008بمقر الدار 97 كورنيش النيل – روض الفرج الساعة السابعه مساءاً
يناقش الكتاب
أ.د. حامد عمار
د। محمود عبد الفضيل د. نادر الفرجانى


نبذة
لقد قام الباحث بمجموعة من التحليلات الإحصائية والمالية المرتبطة بأعداد الطلاب المقيدين فى مختلف مراحل التعليم بأنواعه وتبعياته المختلفة (حكومى/خاص/أزهرى/ عربى/ لغات إلخ...) ثم لجأ إلى منهج أنماط المحاكاة وفقًّا لثلاثة مشاهد من السيناريوهات لاستخلاص أحجام الإنفاق المالى الذى يتوقع من القطاع العائلى أن ينفقه على مستوى السقف المنخفض والمتوسط والمرتفع فى كل نوع ومرحلة من التعليم. وهو منهج فيه من الشمولية والتصور للحالات المختلفة ما يجعله كاشفًا عن الاحتمالات الواقعية فى حجم الإنفاق. وبهذا المنهج المترابط وباحتمالاته الثلاثة يعتبر هذا البحث متفردًا فى نوعه وفى خصوبة معلوماته.

ولست أريد هنا أن أكشف عمَّا تمخض عن هذا البحث من بيانات تفصيلية وتجميعية مذهلة حول محاور الإنفاق الحكومى واتجاهاته، وفى حجم الإنفاق العائلى فى المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة والأجنبية، إلى جانب حجم الإنفاق العائلى فى نظم التعليم الرسمية والموازية، أو ما يطلق عليه تسمية (السوق السوداء التعليمية).

ويدير الندوة د.فاطمة البودي

الاثنين، 29 سبتمبر 2008

كل سنة وانتم طيبين


دار العين للنشر تهنئكم بعيد الفطر المبارك ، متمنية ازدياد التواصل بينكم وبين الدار سواء عن طريق موقعها على الانترنت أو عن طريق المدونة الخاصة بها ، أو الجروب الذي يضم متابعيها على الفيس بوك .
وسوف يتم موافاتكم أولاً بأولا بجدول مواعيد ندواتها ، وبعروض لأحدث الإصدارات عنها ، وبأي أخبار أخرى متعلقة بكتبها .

وكل عام وأنتم بخير ،،،،

الأربعاء، 17 سبتمبر 2008

مكتبات القاهرة المتوافر بها كتب دار العين "3"

سابعا : فى المقطم
33. بوكس اند بوكس
40ش 9 المقطم
29208643

ثامنا : فى الجيزة

34.دار الفاروق
12 ش الدقى الدور السابع منزل كوبرى الدقى اتجاه الجامعة
37622830
35.مكتبة الشروق
فرست مول – 35 شارع الجيزة
35735035-35685187

مكتبات القاهرة المتوافر بها دار العين "2

رابعا : فى القصر العينى
14. مكتبة العربى للنشر والتوزيع
60ش القصر العينى
27954529
15. مكتبة روز اليوسف
89أ ش القصر العينى
27964812
16. مكتبة آفاق
75ش القصر العينى-أمام دار الحكمة
27953811

خامسا : فى مصر الجديدة
17. المكتبة القومية
165 ش الحجاز
226324914
18. بوك سنتر
ش الأهرام - روكسى
0123497195
19. فرشة جرائد الأمفتريون
ناصية مطعم الأمفتريون امام ملاهى أدهم- روكسى
0102614640
20. مكتبة الشروق بالكوربة
5 1شارع بغداد - الكوربة
24171945 - 24171944
21. مكتبة ديوان
105 ش ابوبكر الصديق
26908184

سادسا : فى وسط البلد

22. مكتبة البلد
31 ش محمد محمود-أمام الجامعة الأمريكية
27922768
23. عمر بوك استور
15 ش طلعت حرب أعلى مطعم فلفلة
0103361217
24. دار المدى
أمام مقهى ريش كافيه

25. مكتبة الشروق
1 ميدان طلعت حرب
39306432
26. مكتبة مدبولى
6 ميدان طلعت حرب
25756421
27. مكتبة سنابل
5 ش صبرى ابو علم باب اللوق
23935656
28. مكتبة سندباد
1 ش ابوبكر خيرت خلف البورصة
23907065
29. مكتبة مدارك
القاضي الفاضل من شارع قصر النيل بوسط البلد
23925833
30. مكتبة ليلى
ش جواد حسنى متفرع من ش قصر النيل
23934402
31. الشروق الدولية
2 ش البورصة الجديدة-من ش قصر النيل-رقم3
23938071
32. فرشة جرائد شعبان
ش محمد محمود أمام ماكدونالدز الجامعة الأمريكية
0112433647

مكتبات القاهرة المتوافر بها كتب دار العين


أولا: فى الزمالك
1. الزمالك بوك شوب
19 ش شجرة الدر
27369197
2. المكتبة الرومانسية
22 ش شجرة الدر
27350492
3. فرشة جرائد اليمامة سنتر
امام اليمامة سنتر ش شجرة الدر
0164832624
4. مكتبة على مسعود
159 ش 26يوليو
27356785
5. مكتبة ديوان
159 ش 26 يوليو
27362582

ثانيا : فى المعادى

6. الكتب خانة
1/3 ش اللاسلكى-المعادى الجديدة
25194807
7. ڤوليوم وان
17 ش 216/206 خلف كلية فيكتوريا ، دجلة- بالقرب من جراند مول المعادى
25198831
8. مكتبة آدم
جراند مول المعادى – الدور تحت الأرضى محل رقم 124
25195351

ثالثا : فى المهندسين

9. ڤوليوم وان
3 ش عبد الحليم حسين من ش الثورة-البطل احمد عبد العزيز
33380168
10. مكتبة مدبولى الصغير
45 ش البطل احمد عبد العزيز
33459575
11. مكتبة مدبولى الصغير
ميدان سفنكس إمتداد ش الفالوجا خلف سينما سفنكس
333043304
12. مكتبة مدبولى الصغير
9ش الجزائر بجوار فندق أطلس سور نادى الزمالك – جامعة الدول العربية
33469822
13. مكتبة هانى مدبولى
ش محى الدين ابو العز-محطة مترو البحوث
33386568

الأربعاء، 3 سبتمبر 2008

مناقشة "عالم الغيطاني " .....


عن لماذا اختار جمال الغيطاني تحديداً؟ يبدأ د.سعيد توفيق المناقشة ،حيث يعتبر أن الناقد هو أيضاً اختيار ، وله ذائقة مثل المبدع والفنان فهو قد وجد " هذا التلاقي بيني وبين جمال ، هذا التلاقي هو الأساس الذي تقوم عليه عملية التعاطف في الفن ، والتي كان هيدجر يسميها " الفهم العاطفي " الذي يولد حوار مع النص ، وهو حوار لا يكون فيه الناقد صامتاً ، بل يساير العمل ويحاوره ، لكي يستنطقه
وبهذه الروح اخترت أعمال الغيطاني ، وأعترف أن ما كنت أؤمن به من رؤى فلسفية قد تعمقت بقراءتي لأعماله . وأنا لست ناقد محترف في هذا الكتاب ، وإنما ناقد هاوٍ . والنقد لابد أن يكون هواية لأنه تعاطف في الأساس" .
.....
واتفق معه د.شاكر عبد الحميد ، في أن أساس قراءة هذا العمل هو الحب . و تحدث عن عدة محاور يقوم عليا الكتاب وهي :
المحور الأول :السيرة الذاتية في التدوين . والتي تحولت في التدوين من خلال التأمل والتذكر ، والخيال إلى شكل آخر ، فيه تخلصت السيرة الذاتية من واقعيتها المباشرة الحرفية التسجيلية فاختلطت بالمتذكر والمتخيل واستعدت أدوات التأمل الانعكاسي بوصفه طريقة في التفلسف تنعكس فيه الذات على نفسها لتتأمل ماهية الموضوعات التي تتداعى على الوعي ، وشكل التداعي هنا لا يكون مرتبا بطريقة كرونولوجية ، أي من الأقدم للأحدث ، بل تأتي الأحداث في ضوء حضورها العاطفي وقوتها الانفعالية .
المحور الثاني هو التداخل بين الأنواع الأدبية ، فهذه الأعمال تجمع ما بين القصة القصيرة والرواية والشعر والسيرة الذاتية ، إضافة إلى ما فيها من أشكال تنتمي إلى الموسيقى والعمارة وفن النسيج والتشكيل .
كما أن فيها إذابة أو تمويه للحدود بين الواقعي والمتخيل وبين الحالي والماضي وبين المرئي واللامرئي .
المحور الثالث هو الذاكرة أو كما يسميها الغيطاني " التحنين " . وهي فكرة الانتشال اللحظي للذات من الوجود الذي يحدث من خلال المرأة أو الأدب أو الإبداع عامة ، والفن والجمال والسفر ، من خلال استدعاء الأطياف ، أطياف الماضي وليس أشباحه ، وذلك في محاولة لتثبيت تلك اللحظة التي يكتمل فيها الوجود ، وذلك من خلال ما يسميه الغيطاني " التحنين " أي استدعاء الشوق والحنين ، أو تمنى وجود الحنان ،وغياب الخوف ، ومن ثم فهو يكون دائماً في حالة ترقب وانتظار ولهفة لحدوث هذه اللحظات وهو يستعين عليها بالذاكرة العاملة وهي تلك التي تمزج بين الخيال والذاكرة والانفعال ، وهي تجمع ذلك كله في لحظة واحدة ، قد تمتد ساعات ،ومن ثم يطلق عليها أيضاً الذاكرة الساخنة ، ويتجسد فيها عنفوان الوجود وقوة الجمع بين الشظايا والنثار والأشتات .
المحور الرابع هو الوعي التخيلي : ذلك المظهر الذي يتبدى للوعي من خلال الانعكاس الذاتي والتأمل والتذكر والتداعي فيوصلنا إلى ما يسميه سعيد توفيق الوعي التخيلي ، وهو هنا يشير إلى موقف سارتر الذي رأى الموضوع الجمالي بوصفه موضوعاً يحيي على مستوى الوعي التخيلي بمنأى عن اللمس والاختلال وواقعية الإدراك الحسي ، فالخيال لدى سارتر هو التعبير الكامل عن الحرية .
فكما يقول الغيطاني أن "الوعي بسر النغم يعني تلاشيه ، والإمساك بالإيقاع إيذان بفنائه ،وأن القرب بعد وأن الإنسان لا يرى نفسه إلى عند تما انفصاله عن وقته ،عن موضع ارتبط به ، عن قوم أحبهم وأحبوه "
المحور الخامس هو الوعي الزماني : فالزمان المجرد الخالص ،زمن الساعة لا يعني شيئاً بالنسبة لنا كموجودات بشرية ، كما يشير سعيد توفيق ،وما يهتم به في قراءته للغيطاني هو الزمان الذي نشعر به ، الذي يعني شيئاً بالنسبة إلى ،مثل حركة القطار ، كقطار الساعة الثامنة صباحاص عند الغيطاني ، فهو مرتبط بساعة بعينها بما يعنيه ذلك الوقت بالنسبة له من دلالات وما يرتبط به من الاقتراب من موضوعات أو بشر ،هنا الزمان زمان شعور ،وزمان مكاني حيث "للمواقيت مواضعها ، وللأماكن عيدها ، واللحظة تعني مكاناً " كما قال الغيطاني ، وسعيد يربط مثل هذه الأقوال وغيرها بمفهوم الزمكانية .
حيث هنا يرتبط القطار بالقرب الذي لا يتم والبعد الذي لا يكتمل ، هان ظل القطار عبر المكان والزمان من خلال هذه الحركة الحرة لكنها مرتبطة بالأرض ، بالعجلات والقضبان.
هذا القرب اللحظي الموقوت بالخيال ، أو اللحظة العابرة التي لا تدوم ، مثل المرأة الموجودة في دائرة التمني والترقب والفقد ، عطش ثانتالوس الذي ما إن تبلغ المياه شفتيه حتى تنزل وتفيض إلى حين ثم تعود وتعود فيظل في عطش دائم . ومن خلال ذلك يستمر معنى وجوده .
المحور السادس الفكرة المسيطرة : فالفكرة المهيمنة في خلسات الكرى كما رأى سعيد توفيق هي فكرة الوجود الأنثوي ، والفكرة المسيطرة على "دنا فتدلى " ترتبط بالمرأة ، وفي "الرن " حضور الأسماء والأصوات وغيرها . وفي سياق هذا تحدث توفيق عن فكرة المركز الخفي الذي يشع بالتفاصيل الصغيرة والمنمنمات دون أن يجعلها متشرذمة بلا معنى يؤلف بينها ، بل ينسج منها صورة كلية دالة ويربط بين ذلك كله وبين تجربة الغيطاني وخبراته في فن النسيج وعلاقته بالحرفيين وأهل الصنعة الذين يتقنون المشغولات الدقيقة .
المحور السابع هو تفاصيل الخيال ، حيث يرتبط بأفكار النسج والنسيج والفسيفساء لذا يمكن أن نسميه خيال التفاصيل وهو بشكل عام له معنيان :
المعنى الأول وهو خيال التفاصيل ويعني ذلك الولع بالوصف التفصيلي للأشياء والأحداث والمواقف والشخصيات ، وهو ناتج عن نوع من الرفض لفكرة العمق ، فالولع السابق بالذهاب إلى عمق الشخصيات والنفاذ إلى ما يوجد وراء الجبهة الاجتماعية في الأدب والفن ، كلها كانت عوامل تقف وراء رفض الأديب الفرنسي آلان روب جرييه لفكرة البعدية . إن الإتجاه أو التصميم الغالب لديه هو قطع أو "فصم عرى " الموضوعات عن جذورها المتخيلة ، وفصلها عن أسرارها ونواحي غموضها المزيفة وجعلها مقدمة أو معروضة من خلال حضورها السيط .
المعنى الثاني هو تفاصيل الخيال : وفيه يتم الذهاب نحو العمق الخاص بالذات ، نحو ما يوجد خلف طبقات الذاكرة ، وحفريات الوعي وأعماق الوجدان ، نحو ما يعتمل هناك من مياه صاخبة هائجة ، تبدو ساكنة لكنها ليست كذلك .
.....
وعن علاقته بالفلسفة تحدث أ. جمال الغيطاني ، حيث قال أن " أعقد الأسئلة الفلسفية هي التي يطرحها الكبار مثل السؤال المشهور " أنا جيت منين " ولكن كان سؤالي أنا هو " امبارح راح فين ؟ "
وكل ما فعلته في حياتي بعدها كان محاولة للفهم ، وسؤال الزمن هذا قادني إلى الاهتمام بالفلك حتى أننى كنت أقضي بالثلاثة أيام في مرصد حلوان ، أتابع ظهور النجوم .
أبحث عن الخصوصية في كل ما أفعله ، فأنا في رأيي أن أي كاتب لاب دأن تكون له بصمة مختلفة عن الآخر . أنا مهتم مثلا بالموسيقى الشرقية وبالسجاد الايراني لأن هذه حرفتي في الأسالس فأنا مصم سجاد ، وكل هذه الاهتمامات من أجل تحقيق هذا الهدف .
وعن كتاب سعيد توفيق يقول : أنني لا أجامل إذا قلت أن هذا "نص على النص " ،فهذا ليس بناقد وإنما هو إنسان عنده نفس التساؤلات التي عندي .
وعن دفاتر التدوين ، يقول أنها ليست كلها أحداث واقعية ، فالدفتر الأول كله خيال محض ، لا يوجد فيه أي واقعة حقيقية . ولكني انطلقت من سؤال صوفي يقول " ماذا كان ممكن أن يكون لو أن ما لم يكن كان ؟ " .
دفاتر التدوين هي مشروعي ، الذي حلمت به منذ البداية ، حيث تمنيت أنأكتب عمل ضخم ، على مدار السنين . وهو عمل مفتوح . وأعتقد أنها خرجت بشكل جديد .
فان الآن أنفر من الأشكال الكلاسيكية للرواية ، التي في آخرها كلمة "انتهت " . فكيف تحدد نقاط تمشي عليها 1.2.3 ليموت أحمد عبد الجواد في النهاية .
فالرواية طبقاً للمفهوم الكلاسيكي تحدد مفهوم للحياة ، غير مقبول الآن .
ويضيف الغيطاني " استخدم في الدفاتر ضمير الأنا ، لأنني لاحظت أن القارىء يكون عنده فضول للتلصص "
ويكمل " أنا عندي فكرة مسيطة وهي فكرة العودة للوصل ، فمثلا في رشحات حمراء ، المرأة فيها هي نفسها المرأة التي شاهدتها صغيراً في قريتي وكانت تسمى فعلا الحمراء ، واكتشفت أن كل النساء اللواتي عرفتهم في حياتي يمتون بصلة ما أو بأخرى لهذه المرأة "وعن علاقته بالمكان والحنين إليه يقول بأن" بأن فكرة التحنين المسيطرة على جزء كبير من كتابته ، في الأساس هي طقس في قريته حيث تتجمع النساء في بيت أحداهن وينشدن الأغاني بصوت مرتفع وذلك حتى يحن الناس لفريضة الحج " وأنا عندما سافرت من الصعيد إلى القاهرة ، نازعتني الأشواق إلى بلدتي الأولى ، كما أنني عشت فترة طويلة في الجمالية ، التي أصبحت مرجع بالنسبة لي فحينما أذهب إلى أي مكان في العالم أقول " بس برضه مش زي الجمالية ".
....
31 _8_ 2008

الأربعاء، 27 أغسطس 2008

جمال الغيطاني في العين



تهنئكم دار العين للنشر بمناسبة شهر رمضان الكريم و تدعوكم لحضور ندوة مناقشة كتاب " عالم الغيطانى قراءات فى دفاتر التدوين " تأليف د। سعيد توفيق , و الصادر عن الدار و ذلك يوم الاحد الموافق 31/8/2008بمقر الدار 97 كورنيش النيل – روض الفرج الساعة الثامنة مساءاً

يناقش الكتاب
أ. د. شاكر عبد الحميد
وذلك بحضور الكاتب الكبير / جمال الغيطانى
.....
نبذة
إن السؤال الأساسي الذي يهيمن على دفاتر الغيطاني هو "سؤال الوجود"، ولكن "الوجود يُقال على أنحاء شتى"؛ ولذلك فنحن لا نعرف الوجود في ذاته، وإنما نعرفه في أصدائه وتجلياته:
كيف نقرأ اللامرئي في المرئي، والوجود في العدم أو المعدوم، والحقيقي في المتخيل، والمقيم في الزائل العابر. تلك هي أصداء السؤال الأساسي عند الغيطاني الذي ينبغي أن نرنو إليه عبر المستوى الظاهر للنص: كل شيء عند الغيطاني هو نافذة أو ممر إلى عالم فسيح رحب.. إلى الوجود ذاته، فهو يجعلنا نتشبث باللحظة وبمتعتها وتألقها، ولكن ما إن نبلغ معه غاية تلك اللحظة حتى يأخذنا إلى شيء آخر يتجاوز وجودها العابر إلى شيء ما وراءها!

يدير الندوة
د. فاطمة البودى

السبت، 23 أغسطس 2008

رمضان في العين


تهنىء دار العين للنشر الأمة العربية بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم
وبهذه المناسبة تعلن عن خصم 30 % على جميع اصدارت الدار ، خلال الشهر الكريم ، وذلك في حالة الشراء من مقر الدار الرئيسي في
97 كورنيش النيل _ روض الفرج _ بعد كوبري امبابة
أبراج اللؤلؤوة ( المساكن ) _ عمارة رقم 4 _ الدور الثاني
وكل عام وأنتم بخير

الأحد، 17 أغسطس 2008

الآن .... كتب العين في اسكندرية

1
رشدي
ارت بوك سنتر

401 طريق الحرية مصطفى كامل على ناصية ش خليل الخياط
035423460

مكتبة أكمل
181 ش احمد شوقى
035453714
2
الشاطبى
رويال بوك سنتر

389 طريق قناة السويس -الشاطبى
035932510
3
سان استيفانو مول
مكتبة الشروق

سان استيفانو مول-الدور الأول
034690370

مكتبة معروف
الدور الأول محل رقم 137B
034690024

مكتبة الخياط
سوبرماركت مترو- سان استيفانو مول
0123528603
4
فيكتوريا
مكتبة معروف
366 ش عبد السلام عارف-محطة ترام فيكتوريا
039545591
5
المنشية
مكتبة معروف
4 ش سعد زغلول
034852717
6
سموحة
مكتبة الخياط
سوبر ماركت مترو-سموحة
0123528603

مكتبة الخياط
سوبر ماركت خير زمان -سموحة
0123528603
7
جرين بلازا
مكتبة الخياط
داخل مول جرين بلازا
0123528603
8
محطة الرمل
مكتبة علاء الدين
63 ش صفية زغلول
034876186
01010501

مكتبة معرض الكتاب السكندرى
ش صفية زغلول – مكان سينما همبرا
0101232698

منشأة المعارف
44 ش سعد زغلول
034873303/034853055
9
العجمى
مكتبة على مسعود

البيطاش – شهر العسل
033038870