الاثنين، 27 أكتوبر 2008

المسرح .. في عيون د.نهاد صليحة

قد يبدو عنوان كتاب د. نهاد صليحة الجديد والصادر عن دار العين للنشر ، خادعاً بطريقة ما أو بأخرى ، فالكتاب الذي يحمل اسم " المرأة بين الفن والعشق والزواج ... قراءة في مذكرات فاطمة سري " لا تتحمل فصوله التسعة مسؤولية هذا العنوان ، وإنما قد ينطبق على فصلين فقط منهما هما الأول " قراءة في مذكرات فاطمة سري " والثاني " المسرح بين حضور الكلمة وغياب الجسد " ، بينما تمضي بقية الفصول لمناقشة قضايا أخرى منها "المسرح بين الضحك والكوميديا " و"رحلة أسامة أنور عكاشة في المسرح " و" المسرح بين النسبية والخلود " . إذن فهو وإن كان حتى مهتم بمناقشة قضايا معينة تخص المرأة في بعض فصوله ، فإنه يدرجها في إطار علاقتها بالمسرح .
في الفصل الأول ، تلعب صليحة دور المحقق الذي يفتش وراء أحداث قديمة ، دفنت بعض آثارها . فقد شغلتها قضية فاطمة سري _ كمغنية ومسرحية في المقام الأول _ وعلاقتها بمحمد بك الشعراوي _ ابن هدي شعراوي _ في عشرينات القرن الماضي .
وهي في بحثها لا تحاول تحري الخيوط التي قد تقود إلى إدانتها أو إلى مساندتها ، وإنما فقط تحاول أن تكشف هذه الشخصية على الملأ .
حيث تستعرض في بعض الأجزاء كيفية رؤية فاطمة لطبيعة عملها كمغنية ، هل تكن للمسرح الاحترام الكافي ، أم أنه سبوبة لأكل العيش ؟. هل تحترم الوسط الذي تعيش فيه ؟ أم تراه وسطاً مليئاً بالأوبئة تحاول أن تني بأبنائها عن الاختلاط بمريديه .
تزوجت فاطمةعرفياً من ابن هدى شعراوي الذي حاول التملص من علاقتها به ، بعد أن ولدت ابنتهما ليلى ، فكيف يعلن على الملأ زيجته بهذه المغنية التي لا تليق به . ومن هنا بدأت رحلة فاطمة في المحاكم لإثبات بنوة الطفلة لأبيها .
صليحة ترى في هذا الحادث نقطة لصالح فاطمة ، ولكنها ترجع وتتساءل هل كان هذا من أجل أبنائها ، أم من أجل التصاق اسمها بعائلة ذات حسب ونسب مثل عائلة شعراوي .
لم تتناول صليحة قضية فاطمة بمثل هذا التسطيح الذي يناسب حادثة عابرة في صفحات النجوم ، وإنما تناولته من زاوية حياة المرأة الفنانة ، في مجتمع قد لا يكن لها كل الاحترام بسبب امتهانها هذه المهنة . وكيفية تأثير أفكار هذا المجتمع على العاملات في هذا المجال بدورهن . فقد تعمل إحداهن في الفن ، ولكنها في دخيلة نفسها تراه منحطاً .
وترصد لأمثلة عديدة من رائدات المسرح المصري آنذاك مثل أمينة رزق وفاطمة رشدي ومنيرة المهدية وغيرهن ، اللذان احترما فنهما ، ولم يستسلما للأفكار الأبوية المسيطرة على المجتمع .


وفي الفصل الثاني المعنون ب " المسرح بين حضور الكلمة وغياب الجسد " ، تحلل د. نهاد صليحة النظرة الشيزوفرينية لفن المسرح ،من قبل بعض الاتجاهات التي تاره منحطاً ، بل ومن بعض المفكرين والمسرحيين أيضاً مثل توفيق الحكيم ، الذي فضل أن تقرأ مسرحياته على أن تمثل . ومثل أرسطو الذي ترى فكره متجاوباً مع منظومة القيم الأبوية في العالم العربي .وهي النظرة التي ترى في سفور المرأة " المحترمة " _أي التي تنتمي إلى الطبقى المتوسطة أو الطبقات الأعلي _ وخروجها إلى الحياة العامة ، ناهيك عن مشاركتها في النشاط المسرحي، عاراً وخطيئة .

كما تتكلم عن اتجاه " المسرح المحترم " والذي تراه مصطلح غريب ومضلل فكلمة محترم تغدو كلمة فضفاضة ، ونسبية ،ومن ثم مراوغة وملتبسة المعنى وكأنها كلمة حق يراد بها باطل . فالحديث عن فنان "يحترم " فنه ولا يبتذله ، يختلف عن الدعوة إلى مسرح محترم ، ففي الحالة الأولى يحيل التعبير إلى أصول المهنة وقواعدها ، وإلى أخلاقياتها التي تختص بإجادة العمل وإتقانه ، وتطويره بعيداً عن مغريات السوق أو ضغوط الأيديولوجيات المهيمنة . أما في الحالة الثانية ، فالعبارة تحمل ظلالاً طبقية ، وتحيل إلى مكان أنيق آمن مريح للمتعة والترفيه ، لايرتاده السوقة أو الدهماء ، ولا يجد فيه زبائنه من أواسط أو علية القوم ما يقلقهم أو يصدمهم أو يخرج عن أفكارهم المعتادة أو أنماط توقعاتهم المألوفة .
بينما في فصلها الثالث ، تترك علاقة المرأة بالمسرح لحالها ، وتتجه لتحليل الجذور التاريخية للظاهرة المونودرامية وتطوراتها .
حيث ترى الكاتبة أن هذا الظهور المفاجىء لعروض المونودراما ،وغلبة النموذج الأدبي منها على النموذج الشعبي ، هو نتيجة لحالة الإحباط والإنكسار والإحساس بالضياع التي واكبت تلك الفترة التاريخية نتيجة لهزيمة يونيو ، وانهيار الحلم الاشتركي ،وبعده حلم الوحدة العربية ،ففي ظل هذه الظروف النفسية ،اتجه فريق من المثقفين والكتاب إلى الدين بحثاً عن العزاء وعن أيديولوجية بديلة ،وانصرفت فئة أخرى إلى التعبير الفني عن أحاسيس العزلة والحصار واستحالة التواصل ،واليأس من الحلول الاجتماعية ،ووجدت الشكل الأمثل لرؤيتها هذه في النموذج المونودرامي الأدبي الذي يجسد في شكله الفني واقع عزلة الفرد وعجزه
ومن زاوية أخرى ، ترى أنه صار متنفساُ للمسرح النسوي ،الذي وجد فيه وسيلة للخروج منأسر المسرح الذي يعتمد على النصوص الدرامية ،واستراتيجية فعالة تمكن النساء من اخضاع الثقافة الأبوية .
..............
وفي فصلها المعنون ب " المسرح بين الإرسال والتلقي " ،تحاول الكاتبة سد الثغرة في الدراسات التي تطرقت إلى موضوع عمليات التلقي والتواصل في الفعل المسرحي ،حيث على كثرة ما كتب من مقالات وتأملات حول أزمة المسرح ،وظاهرة انصراف الجمهور عنه ،لا توجد دراسات علمية لجمهور المسرح .
وقامت بطرح عدة أسئلة من شأن الإجابة عليها تحديد منظور لتناول المشكلة منها:
_ إلى من يتوجه العرض برسالته؟
_ هل ما يتلقاه المتفرج في المسرح هو الرسالة المقصودة جمالياً وفنياً ؟
_ هل يبث العرض المسرحي رسالة واحدة مصدرها المرسل ، أم يبث رسائل منوعة إلى جمهور منوع ، يختلف في درجة كفاءة الاستقبال والوضع الاجتماعي والثقافي .
....
بينما تعارض في الفصل المعنون ب" المسرح بين النسبية والخلود " وصف النقاد لبعض الأعمال الدرامية بأنها أعمال خالدة فيقال مثلاً " رائعة شكسبير الخالدة " وترى أن هذا الوصف ملىء بالزيف ،وتمضي لشرح أسباب هذا الزيف فأولا هو يتجاهل حقيقة هامة ،وهي أن العواطف الإنسانية لا توجد في فراغ ، بل يتم استشفافها من خلال ممارسات اجتماعية وحضارية تجسدها وتحورها.وثانياً هذه الفرضية وهي أن أن هذه الأعمال تفرض نفسها على العالم دون وسيط، وتغفل عمداً الدور الذي يلعبه الموصِّل في فرض هذه الأعمال .وفي هذا الإغفال تجاهل متعمد لحقائق التاريخ ،فهل كان شكسبير ليفرض نفسه علينا بهذه الصورة لو لم تكن انجلترا قد استعمرت أكثر من نصف العالم في القرن التاسع عشر ؟
أما السبب الثالث فيكمن في التسليم الخاطىء بأن هذا العمل الفني يحوي معنى ثابتاً لا يتغير ،يضعه الفنان بحيث يضمن له الخلود .
وهي ترى أن سبب خلود كاتب مثل " وليام شكسبير " هو أن أعماله تعرضت لنوع من التناول الجدلي من قبل المخرجين في كل أنحاء العالم ،حيث فسرت أعماله في ضوء الفلسفة الاشتراكية والوجودية وفي ضوء النظرية الليبرالية ،ونظريات فرويد ويونج في علم النفس ،وعلم الأنثروبولوجيا ،وفي إطار التيارات الثورية في عدد من البلاد . وليس لكون أعماله عظيمة في حد ذاتها .
كما تتطرق بالتحليل لموجةالمباشرة والتقرير التي تجتاح المسرح الآن ،وما يتبعه من شيوع كلمة " الاسقاط " في النقد المسرحي ، فهي على عكس الآراء المعتادة ، لاترى أن السبب يعود إلى شدة الرقابة بقدر ما يعود إلى تضارب التيارات الفكرية وتخبطها ،وعدم وضوح الرؤية . إذ حين ينتفي إطار الدلالة الواضح المشترك ، يحاول كل تيار فكري أن ينظر إلى العمل الفني باعتباره دعوة لصالحه وإسقاطاً لرؤيته . كذلك يصبح رد العمل الدرامي إلى وقائع محددة ومعروفة للجميع أو شخصيات أو فترة بعينها هو أسهل وسيلة للتفسير وأبسطها وأكثرها تسطحاً .
.....
وفي الفصل الخاص ب دراسة المسرح بين الضحك والكوميديا ،ترى د. نهاد صليحة أن معظم نتاج الكوميديا العربية قائم على التنفيس ،سواء اتخذ هذا التنفيس شكل كسر التابوهات الأخلاقية ( في صورة الثورة على التقاليد أو الإشارات الجنسية أوالإباحية اللفظية ) أو اتخذ شكل الفكاهة العدوانية .
وهي لا تتخذ موقفاً معارضاً لهذا المسرح ، أو حتى متحفظأً عليه ، بل على العكس فإنها ترى فيه طريقة للتشكيك في اعتيادية الأنظمة التراتبية والأدوار الاجتماعية وسلطتاه وكذلك في النظر إليها باعتبارها قوانين طبيعية أو حقائق أزلية ، ولكنها في نفس الوقت ترى أن حدوث هذه الاحتفالات الكرنفالية في أوقات ومناطق معينة ، يحددها النظام ، قد يكون مريباً ، بل ويجعل البعض يتشكك في فاعليتها .

وفي فصلها الأخير تتعرض للتجربة المسرحية للكاتب التلفزيوني الأصل " أسامة أنور عكاشة " حيث تقدم رؤية لمسرحياته بداية من " الناس اللي في التالت " إلى " ولاد اللذينة " .
.....
ومن خلال هذا العرض يمكننا تبين أن د. نهاد صليحة في كتابها ، لا تحاول أن تعرض ما هو معروف سلفاً ومحفوظ عن القضايا التي طرحتها ، بل تحاول تقديم رؤية خاصة بها ، وتعرض في ثناياها بعض الآراء الأخرى ، تتفق مع بعضها وتفند الأخرى .
كما يتميز طرحها بالشمولية النسبية ، حيث تحاول تتبع تاريخ كل ظاهرة أو موضوع تتحدث فيه ، لتضع القارء في سياق الفكرة المناسب ، ليكون ملماً بتطوراتها المحتلفة ، ليقف على الأسباب والنتائج ، ويكون له بدوره هو الآخر رؤيته الخاصة .
صليحة التي خدعنا عنوان كتابها في البداية ، والتي استترت فيه كل هذه الدراسات تحت اسم " ودراسات أخرى " في العنوان ، تقدم كتاب مهم وحيوي لكل مهتم بالمسرح العربي ، بل وتطرح في بعض الفصول حلولاً للخروج من أزمته الحالية .

الاثنين، 20 أكتوبر 2008

جروب جديد .. لكم ينفق المصريون على التعليم ؟


تم تأسيس جروب جديد على الفيس بوك خاص بكتاب "كم ينفق المصريون على التعليم ؟"
في هذا الجروب يتم مناقشة قضية " انفاق المصريين على التعليم ؟" والتي فجرها الكتاب الذي من تأليف د. عبد الخالق فاروق ، والصدار عن دار العين للنشر .
نكتشف فيه كيف يمكن أن تساهم بعض القوي في المجتمع في تحويل التعليم إلى الخصخصة بحيث يكون خاضعاً لآليات السوق । وذلك بأدوات كثيرة منها الدروس الخصوصية ونبذ الشكل الحكومي للمدرسة وغيرها من الوسائل التي تخدمها قوي لها مصالحها .

الأربعاء، 15 أكتوبر 2008

نتساءل في دار العين .. كم ينفق المصريون على التعليم ؟



د. عبد الخالق فاروق
_ أصبح التعليم يشكل كتلة مصالح اقتصادية واجتماعية وسياسية ،وكتابي يهدف لمعرفة طبيعة الخرائط الاجتماعية للنظام التعليمي المصري والقوى التي تقف وراءه .
_ هناك من يريد الغاء مجانية التعليم ، ليرضخ ل" آلية السوق " ونظام العرض والطلب


د. حامد عمار
_
" الموضة " والتقاليع التعليمية ، هي كل ما يشغل بال وزيرا التعليم ، فمرة يسمونها "المدرسة الذكية " ومرة " معايير الجودة في التعليم " وكلها دمامل في جسد التعليم

د. نادر الفرجاني
_ عن الدروس الخصوصية : الحكومة تفتح المدارس ليلتقي فيها المدرسون بالمستهلكين المحتملين الذين سيقابلونهم بعد الظهر

د. كريمة الحفناوي
_ نظام السيناريوهات الذي اعتمده د. فاروق ، يؤكد انعدام الشفافية بين المواطن والدولة

د. مصطفى قهمي
_ كيف يكون وزيراً للتعليم .. ويبيع أرض الجامعة ؟

د. نبيل علي
_
السؤال الأهم : هو أين تذهب كل هذه الأموال التي تنفق على التعليم ؟
_ إذا كان الإعلام هو الطفل المدلل للسلطة ، فإن التعليم هو الطفل الشقي لها
…………….
" لم أكن أعني بتناول اقتصاديات التعليم فقط " هكذا بدأ د. عبد الخالق فاروق كلمته في الندوة التي عقدتها دار العين للنشر لمناقشة كتابه " كم ينفق المصريون على التعليم ؟ " والصادر عن الدار ، وذلك يوم الاثنين 13_ 10 _2008 . وأوضح عبد الخالق كلامه ، بأن كتابه الذي يبدو وكأنه محاولة لمعرفة الأحجام المالية للتكاليف التي تتحملها العائلات المصرية ، لا يكتفي بهذا فقط ، بل إنه يهدف في الأساس لمعرفة طبيعة الخرائط الاجتماعية للنظام التعليمي المصري ، والقوى التي تقف وراءه .
وأضاف بأن سوق التعليم أصبح يشكل كتلة مصالح اجتماعية واقتصادية وسياسية . وأن هناك قوى ترمى إلى الغاء فكرة مجانية التعليم ، وتود الدفع به لنظام جديد قائم على " آلية السوق " .
ويركز د. فاروق في كلامه على فكرة " المدرسة الحكومية " باعتبارها حجر الأساس لأي فكرة لاصلاح المشروع التعليمي .
وفي تعليق على المدراس الخاصة أكد بأنه لا يرفض أن يذهب أولاد الأغنياء لهذا النوع من المدارس ، لكنه متخوف من ازدهارها بحيث تحجم من اعتماد فكرة " المدرسة الحكومية " في النظام التعليمي .
وعن منهجه في البحث في الكتاب يقول بأنه اعتمد أسلوب السيناريوهات لعدة أسباب وهي :
أولاً : أنه في تحليل أي ظاهرة اجتماعية لا نمتلك _ وفي الحالة المصرية خصوصاً _ بيانات تفصيلية في مجال الإحصاءات ، تعطينا مؤشرات يمكن الاعتماد عليها بشكل قاطع .
وثانياً : حتى يعطي مساحة للمرونة في الحكم ، حتى لا يتم اتهامه بالمبالغة أو التهوين ، أو حتى بالتحيز لتلك الظاهرة أو تلك .
وقد اعتمد الكاتب على ثلاث سيناريوهات ، سيناريو منخفض ، وسيناريو متوسط ، وسيناريو مرتفع . وقسم بنود النفقات إلى إنفاق حكومي رسمي وإنفاق عائلي يضم تحته بنود مثل الدروس الخصوصية ومجموعات التقوية المدرسية ، والتعليم الخاص ، والكتب الخارجية والملخصات التعليمية .. الخ .
ويصف إعطاء المدرسين دروساً خصوصية ب" الخطيئة الجبرية " حيث أن دخل المدرس قليل ، بل إن زميله في الإدارات المركزية يأخذ 15 ضعف مرتبه بلا مبالغة . وبالتالي نصل لنتيجة أن إدارة الموارد المالية في القطاع التعليمي بحاجة إلى إعادة نظر . فلو ارتفع مرتب المدرس من 500 جنيه إلى 1500 شهرياً ، لانتفت حاجته إلى الدروس الخصوصية .
كما يؤكد على نقطة أخرى تمس سوء توزيع الأجور ، حيث أن الحكومة مع نهاية كل عام ، تعطي للمدرس مكافأة مالية ، مع عدم زيادة فيا لمرتب الأصلي । وهذا يعطي عدم استقرار لحياة المدرس . فلماذا لا يكون المرتب الشهري معقول بحيث يزيد إحساسه بالاستقرار المالي .
وأكد أنه في بحثه لظاهرة الدروس الخصوصية حاول تقدير سعر الحصة ، باختلاف المناطق الجغرافية ، حيث أخذ 420 مفردة عشوائية . وقد اعتمد هذا الأسلوب لأنه بالتأكيد سعر الحصة في القرية يختلف عنه في المدينة ، ويختلف في جاردن سيتي عنه في بولاق أبو العلا .
وأوجز د. فاروق ما توصل إليه في عجالة فقال أنه :
_ حسب السيناريو المنخفض فإن النفقات العائلية على الأبناء وصلت إلى 17.7 مليار جنيه ،وحسب السيناريو المتوسط فقد وصلت التكلفة إلى 21.1 مليار جنيه ، بينما تصل في السيناريو المرتفع إلى 32.4 مليار جنيه .
وإذا تم إضافة تكاليف الانتقالات ومصاريف الجيب ووجبة الإفطار ومصاريف المدارس الخاصة إلى التكلفة فإنها ستصل في السيناريو المنخفض إلى 19.2 مليار جنيه ، وفي المتوسط إلى 37 مليار جنيه ، وفي المرتفع إلى 53 مليار جنيه ، هذا بخلاف النفقات الحكومية التي تصل في المتوسط إلى 26 مليار جنيه .

..............
ومن جانبه أشاد د. حامد عمار بالكاتب والكتاب ،مؤكداً أنه كتاب متفرد لأن ما يدور في كليات التربية عن اقتصاديات التعليم لا يتعدى مجرد الإشادة بدور التعليم في التنمية الاقتصادية ودوره في إعداد القوى البشرية للالتحاق بسوق العمل .
ويتميز هذا الكتاب بالإلمام والتركيز على عملية التكلفة ، حيث جرى العرف في كتابات التربويين أن تطرح أفكار وتقدم استراتيجيات ، لكن لا أحد يفكر في التكلفة .
ثم تحدث عن دور طه حسين في إقرار مجانية التعليم في الدولة المصرية . حيث هاج وماج عليه مجلس الشعب عندما اتخذ هذا القرار ، فوقف وقال " على وزير المالية أن يدبر المال " .
وذكر د. عمار بأن هيئة اليونسكو تقول أنه لا يتوقع من أي دولة نامية أن تلحق بركب التقدم ، إلا إذا خصص للتعليم 6% من الموازنة العامة . ويضيف أن الناتج المحلي الإجمالي سوف يصل في عام 2009 إلى تريليون جنيه ، فلو خصص 6% منهم للتعليم ، أي حوالي 60 مليار جنيه ، لتغير وجه التعليم في مصر .
كما وجه د. عمار اللوم لكل من وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي ، اللذان حسب رأيه ، كل همهم أن يضيفوا شيئاً جديداً كمالياً إلى النظام التعليمي . حيث أنهم بين فينة والأخرى يغيرون من النظام كأنه موضة ، ويتركون الجوهر الحقيقي لفكرة التعليم ، بل ويقومون بألاعيب يسمونها " معايير الجودة في التعليم " و" المدرسة الذكية " وخلافه .
ولو أنفقت هذه الأموال في لب التعليم لكان أفضل . فهذه الأفكار مثل "دمامل " أو " فقاقيع" في جسد التعليم .
كما أضاف بأن " الأزمة قد بلغت ذروتها " ، فهاهو الوزير يطلع علينا " بخزعبلة " جديدة وهي حكاية " إلغاء شهادة الثانوية العامة . واعتبار مرحلة التعليم الثانوي مرحلة منتهية .
...............

أما د. نادر الفرجاني فقد أكد أن موضوع أهمية التعليم لا يحتاج إلى تقرير . فالمجتمع لن يتقدم إلا بتعليم جيد . وقال بأن الأسر المصرية تنفق على التعليم 54 مليار جنيه ، وهو ضعف المبلغ الذي تنفقه الحكومة . مما يؤكد أمرين أولهما أن هناك خلل من نوع ما . فالطبيعي أن الدولة هي التي تتحمل تكلفة التعليم ، ولكنها هنا مقصرة في أداء واجبها .
وثانيهما أن هذا المبلغ يؤكد مدي اهتمام الأسرة المصرية بالتعليم ، فلو أخذنا هذا المبلغ وقسمناه على عدد الأسر المصرية ، لوجدنا أن كل أسرة تتكلف حوالي 3 آلاف جنيه في السنة من أجل التعليم.
فماذا يفعل المواطن البسيط الذي لا يزيد دخله الشهري عن 100 جنيه . من أين يأتي بالثلاثة آلاف جنيه .
ومن جانب آخر ذكر د. الفرجاني عدة ملاحظات على الكتاب وهي :
1_ أنه عندما نتكلم عن تطور الإنفاق الحكومي لابد أن نأخذ في الاعتبار أمرين هما مشكلة التضخم ، وزيادة أعداد التلاميذ من عام لعام . لذا فإن الزيادة في الإنفاق الحكومي على التعليم ، أقل بكثير مما تم ذكره فيا لكتاب ، إذا وضعنا هاتين المشكلتين في الحسبان . وهذا يؤكد على تقصير الدولة في أداء عملها .

2_ اعترض على إطلاق تسمية السوق السوداء على الدروس الخصوصية ، واعتبرها سوق موازية . لسبب بسيط وهو أنه لإطلاق تسمية السوق السوداء لابد من ثلاثة صفات وهي أن تكون مُجَرَّمة ، وأن تكون في الخفاء ، وأن تحاربها الحكومة . وهو هنا يجد أن الحكومة لا تعاديها ، بالرغم من أنها تقول ذلك في الظاهر ، ولكنها في الحقيقة تساعدها على النمو بشتى الطرق والوسائل .
ويذكر هنا قول عن الدروس الخصوصية أنه " وكأن الحكومة تفتح المدارس ليلتقي فيها المدرسون بالمستهلكين المحتملين الذين سيقابلونهم بعد الظهر " .
إذن هذه سوق موازية تقوم بدور ناتج عن فشل النظام التعليمي الحكومي .
3_ لم يتطرق الكاتب لكفاءة النفاق الحكومي . فكان يجب نقاش مدى هذه الكفاءة . ولو حتى بالموازين الرسمية مثل الحصول على درجات عالية في الامتحانات وما شابه .
....
بينما اعترض د. مصطفى فهمي على كلمة د. عبد الخالق فاروق بأن من حق الأغنياء أن يدخلوا أبناءهم مدارس خاصة " على كيفهم " وكان وجه اعتراضه بأنه لابد أن تكون استراتيجية معينة يمشي عليها الجميع . فلابد أن تكون هناك سيطرة على التعليم الأساسي ونحن نعاني في مصر من عدم وجود استراتيجية ، فكل وزير يأتي بشيء يهدم به عمل السابق عليه .
وانتقد وزير التعليم بقوله " كيف يكون وزيراً للتعليم ويبيع أرض الجامعة ؟ "
.....
ومن جانبها قالت د. كريمة الحفناوي بأن منهج السيناريوهات الذي اعتمده د. عبد الخالق فاروق في بحثه ، تيؤكد غياب معلومات من المفترض توافرها في أيدي المواطنين ، بما يؤكد انعدام الشفافية بين الحكومة والمواطن .
كما أكدت أن اللجوء للمدارس الخاصة لا يكون بسبب " إني عندي فلوس " فقط . ولكن لأن المدرسة الحكومية لا تقوم بدورها على الوجه الأكمل ، مما يضطر الأسر لإرسال أبنائها لأخذ دروس خصوصية . إذن فبدل أن يعطوهم هذه الدروس يرسلوهم لمدارس خاصة تعرف كيف تؤدي واجبها .
.........
أما د. نبيل علي ، فقد طرح سؤالاً هو " أين تذهب كل هذه الأموال التي تنفق على التعليم ؟ " . فالخريجين لا يجدون لهم أماكن شاغرة في سوق العمل . بل والأنكى أن هذه الأموال لا تؤتي ثمارها ، فالتعليم نفسه سيء ، إذن فإننا نحصل على نزيف داخلي للعقول وهو أخطر من النزيف المالي .
وأكد د. نبيل على الدور السياسي للتعليم ، فإذا كان الإعلام هو الطفل المدلل للسلطة ، فإن التعليم هو الطفل الشقي لها . كما أكد أن المجتمع بدون تعليم وتربية جيدين فإنه يعيد إنتاج نفسه ، حيث تستمر الأسر الجاهلة في توارث جهلها على مدي أجيال .
....
وعلق أحد الحضور على ما ذكره د. حامد عمار ، من تفكير الوزير في إلغاء الثانوية العامة ، بأن هذه الشهادة هي آخر خط دفاع متبقي للمساواة بين المصريين . فمنذ أن بدأ مكتب التنسيق عمله ولم نسمع أي شكوى . كما يرى أن هذا القرار سوف يؤدي لفتح باب المحسوبية ، ويلقي بأعباء لوجستية على الدولة .
....
وفي تعليق على نفس الموضوع قال فرد آخر من الحضور ، أنه استمع منذ أيام لبرنامج " حالة حوار " على القناة الأرضية المصرية ، حيث كان مستضيفاً وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي ، بينما الحضور من الشباب حديثو التخرج ، ووجد أن هناك فجوة بين الواقع الذي يقره الشباب وبين التصريحات التي يلقيها الوزيران .

هذا بينما طرح الحضور عدة مشاكل تواجه التعليم ، مثل مشكلة " الترمين " التي يراها أحدهم بدعة لا أساس لها من الصحة ، وتضيع وقت التلاميذ وتهدر أموال . فبعد أن يكون الطالب امتلك كتبا للتيرم الأول ، فإنه يرميها مع بداية التيرم الثاني ، ويقتني كتباً جديدة بأعباء جديدة على الأسرة .

الاثنين، 13 أكتوبر 2008

ندوة ل " كم ينفق المصريون على التعليم ؟"

تقيم دار العين للنشر ندوة لمناقشة كتاب " كم ينفق المصريون على التعليم" تأليف د. عبد الخالق فاروق, و الصادر عن الدار و ذلك يوم الأثنين الموافق 13/10/2008بمقر الدار 97 كورنيش النيل – روض الفرج الساعة السابعه مساءاً
يناقش الكتاب
أ.د. حامد عمار
د। محمود عبد الفضيل د. نادر الفرجانى


نبذة
لقد قام الباحث بمجموعة من التحليلات الإحصائية والمالية المرتبطة بأعداد الطلاب المقيدين فى مختلف مراحل التعليم بأنواعه وتبعياته المختلفة (حكومى/خاص/أزهرى/ عربى/ لغات إلخ...) ثم لجأ إلى منهج أنماط المحاكاة وفقًّا لثلاثة مشاهد من السيناريوهات لاستخلاص أحجام الإنفاق المالى الذى يتوقع من القطاع العائلى أن ينفقه على مستوى السقف المنخفض والمتوسط والمرتفع فى كل نوع ومرحلة من التعليم. وهو منهج فيه من الشمولية والتصور للحالات المختلفة ما يجعله كاشفًا عن الاحتمالات الواقعية فى حجم الإنفاق. وبهذا المنهج المترابط وباحتمالاته الثلاثة يعتبر هذا البحث متفردًا فى نوعه وفى خصوبة معلوماته.

ولست أريد هنا أن أكشف عمَّا تمخض عن هذا البحث من بيانات تفصيلية وتجميعية مذهلة حول محاور الإنفاق الحكومى واتجاهاته، وفى حجم الإنفاق العائلى فى المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة والأجنبية، إلى جانب حجم الإنفاق العائلى فى نظم التعليم الرسمية والموازية، أو ما يطلق عليه تسمية (السوق السوداء التعليمية).

ويدير الندوة د.فاطمة البودي