الثلاثاء، 12 أغسطس 2008

وجدي الكومي عن شديد البرودة ليلاً

كلنا شركاء في الجريمة
حوار :أحمد ناجي
......
يحكي وجدي الكومي صاحب رواية شديد البرودة ليلا ، والمولود سنة 1980 حكاية تستحق التوقف وتفسر كتابته للرواية التي يمكن وصفها برواية حرب لم يخضها، فقد تخرج وجدي من قسم الآثار المصرية بجامعة القاهرة عام 2001 ليعمل في مجال السياحية، ومع بداية الحرب الأمريكية علي العراق، تعرض سوق السياحية في مصر للكساد، وبالتالي فقد وجدي وظيفته بشكل مؤقت، حتي هدأت الأجواء السياسية وعادت حركة سوق السياحية لأدائها الطبيعي، لكن ما حدث كشف له تأثير الحرب الذي لا يقتصر علي الطرفين المتحاربين، فقط بل يمتد ليشمل الجميع خصوصا في البلدان العربية، وهو ما حاول أن يعكسه في روايته الصادرة مؤخرا عن دار العين .
ورغم أن وجدي يعترف أنه لم يسبق له السفر خارج مصر لأي مكان، لكن الرواية تدور أحداثها في عدد من البلدان العربية بداية من الكويت والصحراء العراقية وحتي قصور المغرب، فبطل الرواية المصري والذي سبق أن شارك في حرب تحرير الكويت في التسعينات، يحصل أخيرا علي عقد عمل مغري في إحدي الدول الخليجية، وحينما يسافر ليستلم وظيفته يكتشف أنه متورط داخل شبكة دعارة ضخمة، مهمته فيها جلب الفتيات من المغرب العربي ومختلف البلدان وتسفيرهم إلي الخليج من أجل توفير المتعة للشيوخ، لكن بطل الرواية جايل الآخري تبدأ في إفساد الأمر وتحويل الفتيات إلي عصابة من القتلة يقومن بتصفية الشيوخ وإلقاء جثثهم في مياه الخليج العربي لينهار كل شيء في النهاية، وفي خلفية الأحداث تبرز حرب الخليج التي يسجل عنها وجدي الكثير من التفاصيل التي تم التعميم عليها طوال السنوات الماضية.
تطلبت الرواية من وجدي أكثر من عام سعي فيه لجمع كل المعلومات الممكنة عن حرب الخليج أعتمدت بشكل أساسي علي كتاب محمد حسنين هيكل عن حرب الخليج (أوهام القوة والنصر) كما لجأت لتسجيل شهادات شخصية لضباط مصريين شاركوا في الحرب، ومعظمهم كان يرفض في البداية الحديث، لذلك فقد كنت أخبرهم أني أقوم ببحث عن الحروب العربية العربية بداية من حرب اليمن وحتي حرب الخليج ومشاركة الضباط المصريين فيها، ومن حديث معهم وجدت عدة إشارات لحوادث إبادة جماعية حدثت للجنود العراقيين، فقد أخبرني أحد الضباط المصريين أن الحرب تم فيها استخدام مركبات هادمة للخنادق، كانت تهدم خنادق الجنود العراقيين، وهم فيها أحياء، بالإضافة إلي قصة قديمة أثرت في منذ كنت طفلا حيث مات أحد جيراني بعد مشاركته في الحرب بسبب السرطان الذي أصابه نتيجة لتعرضه للإشعاع أثناء الحرب، لكني في النهاية لم أرد أن أقدم رواية حرب، بل اردت أن استخدم الحرب فقط كضفيرة، بحيث تأتي في خلفية الأحداث .
في مقابل صورة الجنود العراقيين المظلومين والمدفونين أحياء تحت مدرعات جيوش التحالف التي قدمها وجدي في الرواية، جاءت صورة الإنسان الخليجي سلبية، فهم غالبا شيوخ بجلابيب بيضاء وكروش ممتلئة وأعين جاهزة دائما للالتهام لحم الفتيات، لكن الكومي يدافع عن شخصيات روايته قائلا ليس لدي أي كراهية شخصية لشيوخ الخليج، أنا فقط أخذت لقطة واحده وهي الجانب الاستهلاكي في شخصية الإنسان الخليجي، لكن كل الشخصيات أخذت نصيبها من القسوة، فالجميع اشترك في الجريمة التي حدثت وتحدث حتي الآن، بطل الرواية المصري لم يأتي بصورة أفضل من الآخرين، بل ظهر كقواد .
أحد التيمات الفنية التي استخدمها وجدي في روايته كان تيمة الفصام. فبطل الرواية مطارد دائما ومنذ كان ضابطا في الحرب من شخصية أخري تدعي جابل، يظهر له في فترات متباعده لينهال عليه بالسباب والكلمات، لنكتشف في نهاية الرواية أن الراوي هو نفسه جايل الذي كان مجرد انعكاس وصورة أخري لضميره أو روحه التي فقدها في صحراء العراق، وهي نفس التيمه التي ظهرت مؤخرا في عدد من الروايات التي حققت نجاحا ملحوظا، لكن وجدي يبرر استخدامه لتلك التيمة قائلا فكرة الفصام ليست ملك للأعمال الروائية السابقة واستخدامها ليس مقصور علي روائيين بعينهم، ففي رأي كلنا لدينا قدر من الفصام، وأنا حاولت تقديمه بشكل مختلف عن التجارب السابقة، فليس المهم هو تكرار التيمة بل كيفية تقديمها، نجيب محفوظ مثلا قدم هذه التيمة لأول مرة في سيناريو الاختيار مع يوسف شاهين، لكن هذا لم يمنع روائيين آخريين من تكرارها واستخدامها .
اعتمد الكومي في روايته علي الحوار بشكل أساسي، والذي أحيانا يتحول لمونولوج طويل من شخصية لأخري يحمل خلاصة معني الرواية، مثل مونولوج الرواي لشيوخ الخليج في نهاية الرواية الذي يكشف فيه كل شئ.
ورغم تعدد جنسيات شخصيات الرواية إلا أنها كلها كانت تتحدث الفصحي وبطلاقة لا تعكس لهجتها المحلية، ويفسر وجدي اعتماده علي الفصحي قائلا لم أرغب في كتابة الحوار بالعامية لأن اللهجة المصرية في رأيي محلية جدا، وأنا شخصيا أثناء بحثي وتجهيزي للرواية واجهت كلمات مغربية وجزائرية صعبة جدا لم استطع فهمها، لذلك كانت اللغة العربية منقذي، بالإضافة لاعتقاد أن الأدب من الأفضل أن يكون مكتوبا بلغة يمكن لأي شخصي عربي أن يقرأها ويحكي الكومي قصة أخري تؤكد وجهة نظرها ذات مرة في إحدي القطارات قابلت مواطنا عمانيا يقرأ رواية وردة لصنع الله إبراهيم، الرجل كان معجبا كبيرا بأعمال صنع الله وبالرواية لكن تخيل لو كانت الرواية مكتوبة بالعامية المصرية ما كان من الممكن أن يقرأها هذا الرجل بسهولة
تعرضت الرواية للرفض من قبل صاحب إحدي المطابع نظرا لاحتوائها علي بعض المشاهد الجنسية بالرغم من أن الكومي يقول حاولت كتابة المشاهد الجنسية بشكل مقبول، فأنا لم أرغب في كتابة رواية جنسية، بل أردت أن تكون المشاهد الجنسية معبرة عن حالة إذلال الفتيات، والفجاجة التي يمارس بها الشيوخ الجنس، لذلك لم أكن قلقا من تعرض الرواية لمشاكل رقابية بسبب الجنس كان هاجسي الأكبر بسبب الأراء السياسية في الرواية والمعلومات الحربية الموجودة فيها لذلك اندهشت من رفض صاحب المطبعة الذي كان بالمناسبة أحد الأسباب التي جعلت الناشرة د।فاطمة البودي أكثر تمسكا بنشرها
...
أخبار الأدب _ 10أغسطس२००८
العدد787

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

ii
هذة رواية مهمة جدا وستحدث ضجة بعد قليل