الخميس، 10 يوليو 2008

د\ مصطفى الفقي يناقش " الدوائر الثلاث" لد\ حسن حنفي

د\ حسن حنفي
_ يجب أن يكون لمصر دور في تدريب المقاومة الفلسطينية
_ اسرائيل الآن أخذت دور مصر ، وهي التي تطبق نظرية الدوائر الثلاث
د\ مصطفى الفقي
_ لا الإسلام ولا المسيحية هما الحل ॥الليبرالية الاجتماعية هي الحل
_ في لبنان يثقون بمصر لأنه ليست لها أجندة خاصة
عقدت دار العين ندوة لمناقشة كتاب " الدوائر الثلاث " للدكتور حسن حنفي ، والصادر عن الدار .
أدرات الندوة دكتورة فاطمة البودي رئيس مجلس إدارة الدار . بدأ المناقشة د\ حسني حنفي ، الذي بدأ يستعرض الملابسات التي دفعته لكتابة الكتاب ؛ فهو من جيل الستينات ؛ الجيل الذي حلم بمقاومة الاحتلال والتخلف والملكية ، والذي هتف وراء المبادىء الستة لثورة 1952 . إلى أن حدث شيء ما جعل مصر تهتز من جديد .
ويوضح د\ حنفي، أن هذا الحدث لم يكن هزيمة 1967 لأنه كانت هناك حرب استنزاف ، ومناوشات مستمرة ومظاهرات في 1971 ، أي لم تصل الأوضاع إلى التدهور الكامل ، ولكن الذي حدث ، كان بعد 1975 مع ظهور قوانين الاستثمار الجديدة ، ومع موجة الانفتاح ، رغم أنه في يناير 1977 عرفنا أن الناس ما زالت ناصرية ، وأن العمال ما زالوا يحلمون بالحقوق التي جلبتها لهم الثورة ، وحدثت الطامة الكبري في 1981 ، حيث استمر الانهيار وبدأ ميزان الأمن القومي يميل إلى الاختلال ، وبعدت مصر عن القضايا القومية ، حتي أنها نأت بنفسها عن السودان والنيل وكأن هذا لا يعنيها .
ويعلق د\ حنفى ، على تسمية الدوائر الثلاث ، فيقول أنه قد تعرف عليها وهو في الجامعة من الإخوان المسلمين حيث الدائرةالأولى هي مصر ، والثانية هي الوطن العربي ، والثالثة الوطن الاسلامي، ويذكر أن هذا التمثيل قد استخدمه عبد الناصر أيضاً ليعبر عن مركزية مصر .
وجزئي الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات التي كان قد كتبها لمجموعة من الصحف عن نفس الموضوع ، فالجزء الأول يتحدث عن مصر وكيف تحولت الثورة لثورة مضادة .ومالذي تعنيه ثورة التصحيح في 15 مايو ، وماذا يعني ترك السلطة في يد شخص واحد .وهي كلها إجابات تدور حول السؤال الذي يسأله المصريون جميعاً : مالذي يحدث في مصر ؟ ما الذي حدث للمصريين ؟
دور مصر في الوطن العربي
فهل كان أحد يصدق حوادث غرق العبارات ، ومواقف الأحزاب الضعيفة ، وحتى تدهور حال الجامعات ، ولا أحد يدري الآن من أين ستأتي القوة المغيرة ، من العمال ، أم من التنظيمات المدنية ، أم من الثقافة السياسية وطريقتنا في التفكير ، فلا أحد يتكهن بما سيحدث بعد عشر سنوات . وهناك سؤال آخر يتعلق بدور مصر في الوطن العربي . وهذا الدور لا يتحقق بالضرورة عن طريق نظرية الدولة القاعدة . فدور مصرلا يتحدد بحدودها في الشرق السعودية وفي الشمال بلاد الشام ، وفي الجنوب السودان ، وفي الغربي ليبيا . ولكن دور مصر ممتد فهناك طلاب من ماليزيا وأندونيسيا يدرسون في جامعات مصر وكأنها منارة العالم . وعندما أذهب لاحدي دول شرق آسيا فإنهم يتبركون بي لأنني مجاور للأزهر الشريف .
الآن الوضع أصبح مقلوباً ، فاسرائيل هي التي تطبق نظرية الدوائر الثلاث . فهي المركز حولها الوطن العربي ، حوله الدول الافريقية والآسيوية . ويذكر مقولة لجونسون يسأل فيها " جولدا مائير " : " تريدين أن أدافع عن حدودوك ، فأريني أين هي حدودك ؟ " . إذن فهذا السؤال مطروح بقوة ، أين مسؤولية مصر في الوطن العربي ؟ . فأقل ما يجب عمله للمقاومة الفلسطينية وهو تدريب الشرطة هناك ، ليس موجود في الخطة .
فلو استطاعت مصر أن تنظر نظرة ثاقبة للحظة التاريخية الراهنة ، وأن تحافظ على أطرافها من التآكل فلا تذهب سيناء لصالح اسرائيل ولا تستقل النوبة بنفسها ، وإذا استطاعت بناء العلاقات من جديد مع الوطن العربي والاسلامي ، وقتها يمكنها استعادة مركزيتها للدوائر الثلاث ।
د\ مصطفى الفقي : دور مصر انحدر بقرار ارادي
وبهذا التمني ، نقلت د\ فاطمة دفة الحديث للدكتور مصطفى الغقي ، الذي بدأ حديثه بالثناء على د\ حسن حنفي ، ووصفه بأنه سبيكة خاصة ، فهو دارس جيد للتاريخين العربي والاسلامي ، بجانب اطلاعه على الفنون الأوروبية ، بجانب اهتماماته الفلسفية الأخرى . وتعليقاُ على الكتاب يقول " لاحظت أن الكتاب مسيطر عليه فكرة تراجع الدور وحالة التردي . وهذا شيء أُشرب للمصريين في العقود الماضية ، ويجب أن نحاول تغييره ، فأنت إذا كان عندك طفل وظللت تردد على مسامعه بشكل دائم أنه طفل فاشل ، فسوف يفشل بالتأكيد .
ويؤكد د\ الفقي على أن دور مصر لم ينتهي ، ولكنه انحدر بقرار إرادي فالأدوات للوصول مرة أخرى إلى المركزية لم تضع ، فمصر مازلت مستودع الخزانة البشرية .
المفكرين والاطباء والكفاءات । وباستطاعتها استعادة الدور إذا أردات .
ويضرب مثالاً على ذلك । بأنه في يوم حشدت سوريا جنودها على الحدود لشن هجوم على تركيا । فذهب الرئيس المصري في 6 أكتوبر 1996 ، لتركيا لتهدئة الموقف فقال له رئيسها "أرجوك لاتتحدث إنني أعرفهم أكثر منك " فرد عليه مبارك " وماذا لو جئتك بعهد منهم " . فسأله وأنت الضامن ؟ ورد عليه الرئيس المصري بالايجاب . وهكذا تم نزع فتيل حرب مستعرة ، لم تكن لتصبح أقل من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي .
ويضرب مثالاً آخر ويقول " ذهبت للبنان منذ شهرين ، والتقيت بالزعامات اللبنانية هناك جميعها ؛ السنيورة وجنبلاط وبري وسليمان। وعلى مسمع من الجميع قال لي بري " أرجو أن تعرف أنه عندما طار سليمان إلى مصر ، اعتمدناه رئيساً للجمهورية لأننا نعرف أم مصر ليست لها أجندة خاصة ، وأن من ترضى به مصر فأكيد هو خير .
وينتقل للحديث عن أهم مشكلتين حاليتين في مصر ويقول " أولهما : تداخل الدين والسياسة । وما من مرة اختلط الدين بالسياسة إلا وحدثت مشكلة । وهي تشبه وضعك الزيت على النار ، فالدين مطلق فعندما تتناقش مع فرد في لماذا هو مسلم أو مسيحي ، فالنقاش هنا لا يجدي । أما السياسة ففيها المناورة والكذب والنفاق والخديعة ؛ إذن فهي نسبية । ولا يصح أن تضع المطلق مع النسبي । وعن المشكلة الثانية يقول أنها هي " امتزاج السلطة بالثروة ، فإذا كان تداخل الدين بالسياسة يولد عنف وتطرف ، فإن تداخل السلطة بالثروة يولد فساد । وأؤكد أن حل المشكلة الثانية أسهل
فالقضاء على الفساد لا يتطلب أكثر من بضع سنوات . أما القضاء على التطرف يأخذ عقوداً وعقوداً .

وينهي الفقي حديثه بأن مصر تصورت ببعدها عن الوطن العربي والإسلامي واكتفائها بنفسها ونأيها عن فتح علاقات مع تركيا وايران ، أن هذا فيه الخير لها । ولكنها بهذا حكمت على هذا الكيان بالإعدام .
مناقشة د\ عصام عبد الله ॥ وحديث عن السيناريوهات الأمريكية في المنطقة
وعندها بدأ د\ عصام عبد الله حديثه ، فأثنى على كتاب د\ حنفي ، ووصفه بأنه يتحدث عن المستقبل ويستشرفه رغم أنه يغطي فترة كبيرة من تاريخ مصر تصل لقرنين من الزمان . وقال أنه مع احتفال مصر بمرور قرنين ، في 2005 ، نجح 88 فرد من الإخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب ، والتي كانت نزيهة . وبالتالي أثير السؤال حول طبيعة الدولة المصرية وعلاقتها بالديموقراطية . فهل هي دولة مدنية ، وما علاقة السياسة بالدين فيها ؟
ويستطرد د\ عصام ، ويقول أنه في الاجتماع التاسع للحزب الوطني ، أكد الرئيس مبارك أن مصر دولة مدنية وأنه مع التعدديةالسياسية . وهي نفس أفكار العلمانيين ونفس الكلام الذي يجىء على لسان مهدي عاكف مرشد الإخوان .
فالدولة المدنية هي التي تقوم على الديموقراطية ولكن ليس أي نوع من الديموقراطية ولكنها الديموقراطية الليبرالية . وهي دولة دستورية ، وفيها فصل بين السلطات ولذا فهي علمانية بالضرورة وليست دينية . وعليه ، فإن نظرية الوائر الثلاث للدكتور حنفي ، تختلف تماماً عن هذا الوضع الجديد . فهل مصر كدولة مدنية تستطيع أن تلعب هذا الدور ؟ وهل مازالت هذه الدوائر الثلاث على حالها ؟ .
ويستعرض ثلاثة سيناريوهات مطروحة ، من قبل الولايات المتحدة الامركية لهذه المنطقة العربية وهي السيناريو الأول:اعادة تقسيم حدود المنطقة .السيناريو الثاني :الانصهار القسري لموطني هذه المنطقة من أقليات وماشابه ، إما بالابادة أو بالتهجير . أما السيناريو الثالث : فهو دمقرطة المؤسسات فيها . وهو أبعدهما عن التحقيق .
وما يدعن هذه السيناريوهات الثلاثة خمسة خصائص للنظام العالمي الجديد وهي أولاً : ظهور فكرة التكامل ، ويأتي الاتحاد الأوروبي كمثال لها . ثانياً : ظهور فكرة العنف الدولي ، وعودة الإرهاب ثالثاً : ظهور النمظمات العابرة للقارات . رابعا : تصاعد فكرة حقوق الإنسان مرة أخرىخامساً : انتشار فكرة السوق العالمية .
وبهذا أنهي د\ عصام حديثه ، لتختم د\ فاطمة البودي الندوة ، بشكرها لدكتور حسن حنفي على هذا الكتاب القيم ، فمصر الآن في مرحلة فاصلة ، وفي أمس الاحتياج ، لهذه النوعية من الكتب من مفكريها الكبار التي توضح لها معالم الفترة الراهنة وحقيقة وضعها ، لتتمكن من استعادة دورها ومكانتها مرة أخرى .

ليست هناك تعليقات: