د. العيني
_ المعارضين اليمنيين المهاجرين ، قبل الثورة كانوا " كالأيتام في مأدبة اللئام "
_ حركت " 5نوفمبر " كانت متسامحة لدرجة أن الناس قالوا : هذه ليست حركة ، ولا حتى حركة بيضاء
_ لم أنضم للإخوان المسلمين ، لأن مشاكل اليمن لا يمكن أن تحل بحكم يتمتع بالقداسة
د. مصطفى الفقي
_ اليمن واحدة من أذكي الدبلوماسيات في التعامل مع الولايات المتحدة
_ شرطي الجزيرة العربية هو اليمن ، وهي الدولة التي تستطيع أن تصنع القلاقل للدول المجاورة
د. يوسف الشريف
_ لم يمنع اعتقال عبد الناصر للقادة اليمنيين ، من حبه والوفاء له
مداخلة من أحد الحضور
_ لماذا تكرر جملة " من أعمالكم يولَّ عليكم " التي يفهم منها أن الشعب لا يستأهل الثورة التي قمت أنت بالتحريض عليها ، فلماذا هذا التناقض ؟
.................................
عقدت دار العين للنشر ، ندوة لمناقشة وتوقيع كتاب " أصداء خمسين عاماً في الرمال المتحركة في الفضائيات والصحافة " الصادر عن الدار . أدار الندوة د. فاطمة البودي مديرة الدار ، وناقش الكتاب كل من د. مصطفى الفقي ، ود. يوسف الشريف ، ود. محمود عبد الفضيل . وبالطبع بحضور د. محسن العيني ، الذي بدأ الندوة بحديث مختصر عما احتواه الكتاب . فهو عبارة عن تجميع لردود الأفعال الإعلامية على كتابه " خمسين عاماً في الرمال المتحركة " سواء من حوارات تلفزيونية ، أو مقالات صحفية وما إلى ذلك .
كان منها حلقته مع أحمد منصور في برنامج " شاهد على العصر " في قناة الجزيرة ، وأيضاً في برنامج الآخر " بلا حدود " على نفس القناة ، التي ناقشت الكتاب مرة ثالثة في برنامج " الكتاب خير جليس " مع مقدمه خالد الحروب ، والسفير " على محسن حميد " .
كما يضم الكتاب عدد ممن المقالات التي تناولت الكتاب بالعرض والتحليل ، في عدد من الصحف اليمنية والعربية منها صحيفة الأيام ، ووجهات نظر وغيرهما .
ويوضح العيني أن كتابه " خمسين عاماً في الرمال المتحركة " ، كان اسمه الأصلي هو " قصتي كما أراها " ، لكن الناشرين اقترحوا عليه هذا الاسم ، وأن يصبح متبوعاً بجملة " قصة بناء الدولة الحديثة في اليمن " .
وفكرة الكتاب بالأساس هي إبراز دور الحركة الوطنية في اليمن . حيث خاض المعارضون معركة كبيرة مع الإمام .
وعن أحوال المعارضين اليمنيين الذين يعيشون خارج البلاد قبل الثورة يصفهم العيني ، بأنهم كانوا "كالأيتام في مأدبة اللئام" . فلم يكن يُسمع لهم ، وكان يقال لهم " احمدوا ربنا على اللي انتو فيه " .
ثم ينتقل العيني للحديث عن الدور المصري في ثورة اليمن ، الذي يراه جاء كرد فعل طبيعي لمصر ، التي أحست أنها معزولة عن الوطن العربي بعد انفصالها عن سوريا ، مما دفعها للوقوف بجانب ثورة اليمن .
لا يقلل العيني من شأن هذا الدور ، ولكنه يرى أنه عمل على تهميش أصوات اليمنيين الأحرار داخل البلاد ، صحيح أن لهم رأي يؤخذ به ، بحكم معرفتهم بطبيعة البلاد ، وبحكم معايشتهم لحروب سابقة ، ولكن خفتت أصواتهم فجأة بعد علو الأصوات الأخرى عليهم .
وعن مقابلته بالرئيس المصري " جمال عبد الناصر " يقول العيني " استقبلني الرئيس في مكتبه بالدور الأرضي في منزله ، وتبسط معي في الحديث وشجعني على أن أقول ما في نفسي ، وقد بدأت بما سمعته من السيد سامي شرف ، وقلت للرئيس إنني أعلم موقف القاهرة من البعث ، وإن المصريين إذا كانوا مقتنعين بأن بعض المسئولين اليمنيين بعثيون ، وأن الثقة مفقودة ، فإن الأمور لن تسير كما ينبغي ، وقلت بأنني أؤمن بالأمة العربية الواحدة وبالديموقراطية والاشتراكية والعدل الاجتماعي وأننا نفهم جيداً أن هذه هي أهدافه وأهداف ثورة مصر وأهداف الثورة العربية كلها ، وأن الخلاف مع سوريا والحساسيات التي نشأت مع بعض الشخصيات الحزبية لا يجوز أن تعزل مصر وقائدها عن الشباب العربي في الأقطارالأخرى ، لمجرد شبهة الحزبية التي قد تكون اتهاماً لا يقوم على أساس صحيح . ومضيت أقول للرئيس أنه ينبغي البعد عن هذه الحساسيات .
واستأذنت الرئيس في إبداء بعض الملاحظات على الأسلوب الذي بدأت أجهزة الإعلام تعالج به قضية الثورة في اليمن ، فذكرت له أن صحف القاهرة ذكرت أن هناك فزعاً في بغداد ودمشق وعمان الخ .. من الثورة في اليمن ، وأن عبد الكريم قاسم رفض الاعتراف بالجمهورية ، وأنه اشترط على وزير خارجية اليمن تأييد العراق في ضم الكويت مقابل اعترافه بالنظام الجمهوري . والحقيقة هي نقيض هذا كله . فقد أبدى العراق استعداداً للاعتراف ، كما أن دمشق رحبت بالثورة واعترفت بالجمهورية ، وأنه أياُ تكن الأسباب ، فليس من المصلحة استعداء الدول العربية واستثارتها .
كما قارن له بين تجربتي الثورة في اليمن ومصر بقوله " كنت في القاهرة حين قامت الثورة المصرية عام 1952 ، ولاحظنا كيف أنها أعلنت أولا أن هدفها هو تغيير القيادة العسكرية فقط ، ثم الحكومة ، ثم ترحيل الملك ، مع الاحتفاظ بابنه الطفل ملكاً وتشكيل مجلس وصاية ، وأن الجمهورية لم تعلن إلا بعد سنة ، بل أن الثورة تغاضت عن وجود القاعدة العسكرية البريطانية في السويس ، وتحالفت مع الملوك والحكام العرب ، كل هذا حتى يشتد عودها .
هذا في مصر ، ولها وزنها وجيشها ، وشعبها الواعي ، فكيف باليمن وهي على ماهي عليه من تخلف داخلي ، وأخطار خارجية محدقة من الشمال والجنوب .
قلت هذا وأكثر منه دفعة واحدة للرئيس ، شعوراً مني بالمسؤولية نحو بلدي اليمن ،ونحو مصر . وكان هو معي مهذباً ورقيقاً . ثم سأل " متى انضممت إلى حزب البعث ؟ " فقل له : حين كنتم "سمن على عسل " معه ، عندمت كنتم تحضرون لوحدة سوريا ومصر . قال لي : على كل حال خلافنا هو مع القيادات وليس مع الشباب ، ولن تجد منا إلا كل عون " .
وفي رصد للحركات السياسية والانقلابات في هذه الحقبة ، يتكلم العيني عن " حركة 5 نوفمبر " وكيف أنها كانت متسامحة ، ولم تتصرف بحقد ضد أحد ، لم تنتقم للمعتقلين ولا المعذبين في السجون ، حتى قال الناس :هذه ليست حركة ، ليست حتى حركة بيضاء .
وتم كل هذا حتى يبقى الجمهوريون صفاً واحداً ، لا ينشغلون ببعضهم البعض ، بل ينشغلون بما هو أخطر عليهم جميعاً ، وعلى ثورتهم ونظامهم . ويحكي موقف حدث له مع سيد قطب ، في فترة كان يذهب العيني لسماع دروسه في الجامع ، فسأله قطب "لماذا لا تنضمون للإخوان المسلمين ؟" فرد عليه العيني ب" أن اليمن في حاجة إلينا ولا نستطيع أن ننضم لمنظمة تشتت من تفكيرنا في قضاياه ، التي لا نستطيع معاجتها بحكم يتمتع بالقداسة ، بل نأخذ جوهر الشريعة فقط من الدين ، فالحاكم لابد أن يكون مدني حتى نستطيع محاسبته ".
وفي عتاب رقيق ، قال العيني ، أن العاتبون على بعض أخطاء هذه الحركات والثورات ، لم يكونوا مقدرين لظروف وطبيعة البلاد في هذا الوقت ، وما هي عليه من تخلف ، وانعدام خبرة بالأمور السياسية .
................................
وبعد هذه الكلمة ، نقلت د. فاطمة البودي دفة الحديث لد. مصطفى الفقي . الذي أرجع أهمية مناقشة هذا الكتاب ، لسببين ينبع أولهما من أهمية الكاتب ، الذي كان له دور مؤثر بل الثورة وبعدها ، كما أنه من القليلين الذين أتيحت لهم فرصة الدراسة في العديد من البلدان ، في تلك الحقبة ، فدرس في بيروت والقاهرة ، بالإضافة لباريس .
أما السبب الثاني فيرجع لأهمية اليمن نفسها كدولة لها خصوصيتها ، فتعبير "الرمال المتحركة" المذكور في عنوان الكتاب ، يعتبر توصيف سليم لما مرت به اليمن ، التي قفزت قفزة خطيرة من دولة متخلفة ليس لديها وعي بالواقع السياسي ، إلى دولة تحاول اللحاق بركب التحضر ، وتقف على قدم المساواة مع دول أخرى ، كما أن دبلوماسية اليمن دبلوماسية ذكية ، والسبب في ذلك أنهم مقتحمون للمواقف ، مبادرون دوماً .فما من قضية عربية إلا وتقدم اليمن ليمد يد العون لحل مشكلتها . وآخرها مبادرة صنعاء للصلح بين فتح وحماس .
كما أن اليمن هذه الدولة التي كانت متحوصلة على نفسها ، بدت بعد الثورة وفي العقود الأخيرة ، وكأنها دأت تخرج من القمقم أخيراً .
ويتحدث الفقي ، عن العلاقة الوطيدة بين الشعبين المصري واليمني ، حيث يكن اليمنيون لمصر كثير من الامتنان ، حتى أن حجم النصب التذكاري للشهداء المصريين في اليمن أكبر من مثيله للشهداء اليمنيين .
وعن كتاب د. محسن العيني ، يقول الفقي ، بأنه ليس سيرة ذاتية بالعنى المتعارف عليه ، فهو يعالج القضايا ، ويوضح في نقطة هامة منه ، كيف أن القادة اليمنيين الذين اعتقلهم عبد الناصر ، لم يجافوه بسبب هذا ، بل استمروا محبين له .
كما يشيد د. الفقي باليمن ، ويقول أنها واحدة من أذكى التجارب في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية ، ويذكر مثالاً بزيارة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ، إلى الولايات المتحدو أيام مشكلة محاولة انفصال الجنوب اليمني . بالإضافة إلى أن اليمن هي شرطي الجزيرة ، وتستطيع أكثر من غيرها أن تصنع القلاقل للدول المجاورة ، ولذا فالسعودية ليست عندها حساسية تجاة أي دولة حدودية ، إلا مع اليمن .
ويختم الفقي حديثه ، بأن هذا الكتاب جاء لافاقة بعض المشاعر والأفكار حول اليمن ، ومراجعة تجربتها وثورتها مرة أخرى .
.................
من جانبه ، تناول د.يوسف الشريف كتاب " أصداء خمسين عاماً في الرمال المتحركة " ، حيث قال أنه أضاف الكثير من المعلومات الموثقة إلى السيرة الذاتية وفض الغموض ، وأزال اللبس في غيرها ، كما أنه أنصف الكثير من الشخصيات التي تناولتها السيرة ، ومنها تأكيد اعتزازه بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر ودوره القوي في دعم الثورة والنظام الجمهوري .
ثم عرج بالحديث عن مدى حاجة الوطن العربي ، إلى شيوع كتابة السير الذاتية بكل دقة ، كما هي سيرة د. محسن العيني ، والسير الذاتية لطه حسين والدكتور لويس عوض والدكتور جلال أمين .
وأنهي كلمته بأن السرة الذاتية لد. العيني وأصدائها وتداعياتها بمثابة سفر يستحق أن يروى سينمائيا ً وأن ينال حظه من الدراسة .
..................
أما د. محمود عبد الفضيل ، فقد أشار إلى أن علاقته بد. محسن العيني ، كانت من خلال ترجمته لكتاب " كنت طبيبة في اليمن " للدكتورة الفرنسية " كلودي فياذ " ، كما أنه يعتبركتابه " خمسون عاماً في الرمال المتحركة " بمثابة مرجع أساسي لتأريخ الحركة الوطنية اليمنية ، وكتابه الجديد " أصداء خمسين عاماً في الرمال المتحركة " يعتبر أضواء على كتابه الأول .
وتعليقاً على مشكلة القات في اليمن ، يحكي د. عبد الفضيل طرفة قيلت ، عن المشير عبد الحكيم عامر ، أنه أثناء زيارة لليمن ، سئل هل حقيقي أن المصريين يشربون الحشيش ، فرد عليه المشير وقال "أوقاتاً " .
......................
وفي مداخلة من الحضور ، استفسر أحدهم من د. العيني ، عن أنه ذكر في مواضع كثيرة في كتابه وفي حواره مع أحمد منصور جملة " من أعمالكم يولَّ عليكم " أي أنه يلقى بالمسئولية على الشعب في ظلم حكامه ، فكيف ذلك ، وهو الذي قام بدور رئيسي في الحركة الوطنية وساند الثورة لمصلحة الشعب ؟، أي لماذا يكلف نفسه من أجل الشعب ، وهو لا يحترمه أساساً ويراه سبب تخلف النظام السياسي ؟ .
ورد عليه د. العيني بقوله ، أن هذا الكلام كان من أجل تحريض الشعب ، وحثه على القيام من سباته ، فلا يمكن أن " نطبطب عليه " بل يجب هزه ، وهذا ما حدث فعلاً بالثورة اليمينة .
........................
_ المعارضين اليمنيين المهاجرين ، قبل الثورة كانوا " كالأيتام في مأدبة اللئام "
_ حركت " 5نوفمبر " كانت متسامحة لدرجة أن الناس قالوا : هذه ليست حركة ، ولا حتى حركة بيضاء
_ لم أنضم للإخوان المسلمين ، لأن مشاكل اليمن لا يمكن أن تحل بحكم يتمتع بالقداسة
د. مصطفى الفقي
_ اليمن واحدة من أذكي الدبلوماسيات في التعامل مع الولايات المتحدة
_ شرطي الجزيرة العربية هو اليمن ، وهي الدولة التي تستطيع أن تصنع القلاقل للدول المجاورة
د. يوسف الشريف
_ لم يمنع اعتقال عبد الناصر للقادة اليمنيين ، من حبه والوفاء له
مداخلة من أحد الحضور
_ لماذا تكرر جملة " من أعمالكم يولَّ عليكم " التي يفهم منها أن الشعب لا يستأهل الثورة التي قمت أنت بالتحريض عليها ، فلماذا هذا التناقض ؟
.................................
عقدت دار العين للنشر ، ندوة لمناقشة وتوقيع كتاب " أصداء خمسين عاماً في الرمال المتحركة في الفضائيات والصحافة " الصادر عن الدار . أدار الندوة د. فاطمة البودي مديرة الدار ، وناقش الكتاب كل من د. مصطفى الفقي ، ود. يوسف الشريف ، ود. محمود عبد الفضيل . وبالطبع بحضور د. محسن العيني ، الذي بدأ الندوة بحديث مختصر عما احتواه الكتاب . فهو عبارة عن تجميع لردود الأفعال الإعلامية على كتابه " خمسين عاماً في الرمال المتحركة " سواء من حوارات تلفزيونية ، أو مقالات صحفية وما إلى ذلك .
كان منها حلقته مع أحمد منصور في برنامج " شاهد على العصر " في قناة الجزيرة ، وأيضاً في برنامج الآخر " بلا حدود " على نفس القناة ، التي ناقشت الكتاب مرة ثالثة في برنامج " الكتاب خير جليس " مع مقدمه خالد الحروب ، والسفير " على محسن حميد " .
كما يضم الكتاب عدد ممن المقالات التي تناولت الكتاب بالعرض والتحليل ، في عدد من الصحف اليمنية والعربية منها صحيفة الأيام ، ووجهات نظر وغيرهما .
ويوضح العيني أن كتابه " خمسين عاماً في الرمال المتحركة " ، كان اسمه الأصلي هو " قصتي كما أراها " ، لكن الناشرين اقترحوا عليه هذا الاسم ، وأن يصبح متبوعاً بجملة " قصة بناء الدولة الحديثة في اليمن " .
وفكرة الكتاب بالأساس هي إبراز دور الحركة الوطنية في اليمن . حيث خاض المعارضون معركة كبيرة مع الإمام .
وعن أحوال المعارضين اليمنيين الذين يعيشون خارج البلاد قبل الثورة يصفهم العيني ، بأنهم كانوا "كالأيتام في مأدبة اللئام" . فلم يكن يُسمع لهم ، وكان يقال لهم " احمدوا ربنا على اللي انتو فيه " .
ثم ينتقل العيني للحديث عن الدور المصري في ثورة اليمن ، الذي يراه جاء كرد فعل طبيعي لمصر ، التي أحست أنها معزولة عن الوطن العربي بعد انفصالها عن سوريا ، مما دفعها للوقوف بجانب ثورة اليمن .
لا يقلل العيني من شأن هذا الدور ، ولكنه يرى أنه عمل على تهميش أصوات اليمنيين الأحرار داخل البلاد ، صحيح أن لهم رأي يؤخذ به ، بحكم معرفتهم بطبيعة البلاد ، وبحكم معايشتهم لحروب سابقة ، ولكن خفتت أصواتهم فجأة بعد علو الأصوات الأخرى عليهم .
وعن مقابلته بالرئيس المصري " جمال عبد الناصر " يقول العيني " استقبلني الرئيس في مكتبه بالدور الأرضي في منزله ، وتبسط معي في الحديث وشجعني على أن أقول ما في نفسي ، وقد بدأت بما سمعته من السيد سامي شرف ، وقلت للرئيس إنني أعلم موقف القاهرة من البعث ، وإن المصريين إذا كانوا مقتنعين بأن بعض المسئولين اليمنيين بعثيون ، وأن الثقة مفقودة ، فإن الأمور لن تسير كما ينبغي ، وقلت بأنني أؤمن بالأمة العربية الواحدة وبالديموقراطية والاشتراكية والعدل الاجتماعي وأننا نفهم جيداً أن هذه هي أهدافه وأهداف ثورة مصر وأهداف الثورة العربية كلها ، وأن الخلاف مع سوريا والحساسيات التي نشأت مع بعض الشخصيات الحزبية لا يجوز أن تعزل مصر وقائدها عن الشباب العربي في الأقطارالأخرى ، لمجرد شبهة الحزبية التي قد تكون اتهاماً لا يقوم على أساس صحيح . ومضيت أقول للرئيس أنه ينبغي البعد عن هذه الحساسيات .
واستأذنت الرئيس في إبداء بعض الملاحظات على الأسلوب الذي بدأت أجهزة الإعلام تعالج به قضية الثورة في اليمن ، فذكرت له أن صحف القاهرة ذكرت أن هناك فزعاً في بغداد ودمشق وعمان الخ .. من الثورة في اليمن ، وأن عبد الكريم قاسم رفض الاعتراف بالجمهورية ، وأنه اشترط على وزير خارجية اليمن تأييد العراق في ضم الكويت مقابل اعترافه بالنظام الجمهوري . والحقيقة هي نقيض هذا كله . فقد أبدى العراق استعداداً للاعتراف ، كما أن دمشق رحبت بالثورة واعترفت بالجمهورية ، وأنه أياُ تكن الأسباب ، فليس من المصلحة استعداء الدول العربية واستثارتها .
كما قارن له بين تجربتي الثورة في اليمن ومصر بقوله " كنت في القاهرة حين قامت الثورة المصرية عام 1952 ، ولاحظنا كيف أنها أعلنت أولا أن هدفها هو تغيير القيادة العسكرية فقط ، ثم الحكومة ، ثم ترحيل الملك ، مع الاحتفاظ بابنه الطفل ملكاً وتشكيل مجلس وصاية ، وأن الجمهورية لم تعلن إلا بعد سنة ، بل أن الثورة تغاضت عن وجود القاعدة العسكرية البريطانية في السويس ، وتحالفت مع الملوك والحكام العرب ، كل هذا حتى يشتد عودها .
هذا في مصر ، ولها وزنها وجيشها ، وشعبها الواعي ، فكيف باليمن وهي على ماهي عليه من تخلف داخلي ، وأخطار خارجية محدقة من الشمال والجنوب .
قلت هذا وأكثر منه دفعة واحدة للرئيس ، شعوراً مني بالمسؤولية نحو بلدي اليمن ،ونحو مصر . وكان هو معي مهذباً ورقيقاً . ثم سأل " متى انضممت إلى حزب البعث ؟ " فقل له : حين كنتم "سمن على عسل " معه ، عندمت كنتم تحضرون لوحدة سوريا ومصر . قال لي : على كل حال خلافنا هو مع القيادات وليس مع الشباب ، ولن تجد منا إلا كل عون " .
وفي رصد للحركات السياسية والانقلابات في هذه الحقبة ، يتكلم العيني عن " حركة 5 نوفمبر " وكيف أنها كانت متسامحة ، ولم تتصرف بحقد ضد أحد ، لم تنتقم للمعتقلين ولا المعذبين في السجون ، حتى قال الناس :هذه ليست حركة ، ليست حتى حركة بيضاء .
وتم كل هذا حتى يبقى الجمهوريون صفاً واحداً ، لا ينشغلون ببعضهم البعض ، بل ينشغلون بما هو أخطر عليهم جميعاً ، وعلى ثورتهم ونظامهم . ويحكي موقف حدث له مع سيد قطب ، في فترة كان يذهب العيني لسماع دروسه في الجامع ، فسأله قطب "لماذا لا تنضمون للإخوان المسلمين ؟" فرد عليه العيني ب" أن اليمن في حاجة إلينا ولا نستطيع أن ننضم لمنظمة تشتت من تفكيرنا في قضاياه ، التي لا نستطيع معاجتها بحكم يتمتع بالقداسة ، بل نأخذ جوهر الشريعة فقط من الدين ، فالحاكم لابد أن يكون مدني حتى نستطيع محاسبته ".
وفي عتاب رقيق ، قال العيني ، أن العاتبون على بعض أخطاء هذه الحركات والثورات ، لم يكونوا مقدرين لظروف وطبيعة البلاد في هذا الوقت ، وما هي عليه من تخلف ، وانعدام خبرة بالأمور السياسية .
................................
وبعد هذه الكلمة ، نقلت د. فاطمة البودي دفة الحديث لد. مصطفى الفقي . الذي أرجع أهمية مناقشة هذا الكتاب ، لسببين ينبع أولهما من أهمية الكاتب ، الذي كان له دور مؤثر بل الثورة وبعدها ، كما أنه من القليلين الذين أتيحت لهم فرصة الدراسة في العديد من البلدان ، في تلك الحقبة ، فدرس في بيروت والقاهرة ، بالإضافة لباريس .
أما السبب الثاني فيرجع لأهمية اليمن نفسها كدولة لها خصوصيتها ، فتعبير "الرمال المتحركة" المذكور في عنوان الكتاب ، يعتبر توصيف سليم لما مرت به اليمن ، التي قفزت قفزة خطيرة من دولة متخلفة ليس لديها وعي بالواقع السياسي ، إلى دولة تحاول اللحاق بركب التحضر ، وتقف على قدم المساواة مع دول أخرى ، كما أن دبلوماسية اليمن دبلوماسية ذكية ، والسبب في ذلك أنهم مقتحمون للمواقف ، مبادرون دوماً .فما من قضية عربية إلا وتقدم اليمن ليمد يد العون لحل مشكلتها . وآخرها مبادرة صنعاء للصلح بين فتح وحماس .
كما أن اليمن هذه الدولة التي كانت متحوصلة على نفسها ، بدت بعد الثورة وفي العقود الأخيرة ، وكأنها دأت تخرج من القمقم أخيراً .
ويتحدث الفقي ، عن العلاقة الوطيدة بين الشعبين المصري واليمني ، حيث يكن اليمنيون لمصر كثير من الامتنان ، حتى أن حجم النصب التذكاري للشهداء المصريين في اليمن أكبر من مثيله للشهداء اليمنيين .
وعن كتاب د. محسن العيني ، يقول الفقي ، بأنه ليس سيرة ذاتية بالعنى المتعارف عليه ، فهو يعالج القضايا ، ويوضح في نقطة هامة منه ، كيف أن القادة اليمنيين الذين اعتقلهم عبد الناصر ، لم يجافوه بسبب هذا ، بل استمروا محبين له .
كما يشيد د. الفقي باليمن ، ويقول أنها واحدة من أذكى التجارب في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية ، ويذكر مثالاً بزيارة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ، إلى الولايات المتحدو أيام مشكلة محاولة انفصال الجنوب اليمني . بالإضافة إلى أن اليمن هي شرطي الجزيرة ، وتستطيع أكثر من غيرها أن تصنع القلاقل للدول المجاورة ، ولذا فالسعودية ليست عندها حساسية تجاة أي دولة حدودية ، إلا مع اليمن .
ويختم الفقي حديثه ، بأن هذا الكتاب جاء لافاقة بعض المشاعر والأفكار حول اليمن ، ومراجعة تجربتها وثورتها مرة أخرى .
.................
من جانبه ، تناول د.يوسف الشريف كتاب " أصداء خمسين عاماً في الرمال المتحركة " ، حيث قال أنه أضاف الكثير من المعلومات الموثقة إلى السيرة الذاتية وفض الغموض ، وأزال اللبس في غيرها ، كما أنه أنصف الكثير من الشخصيات التي تناولتها السيرة ، ومنها تأكيد اعتزازه بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر ودوره القوي في دعم الثورة والنظام الجمهوري .
ثم عرج بالحديث عن مدى حاجة الوطن العربي ، إلى شيوع كتابة السير الذاتية بكل دقة ، كما هي سيرة د. محسن العيني ، والسير الذاتية لطه حسين والدكتور لويس عوض والدكتور جلال أمين .
وأنهي كلمته بأن السرة الذاتية لد. العيني وأصدائها وتداعياتها بمثابة سفر يستحق أن يروى سينمائيا ً وأن ينال حظه من الدراسة .
..................
أما د. محمود عبد الفضيل ، فقد أشار إلى أن علاقته بد. محسن العيني ، كانت من خلال ترجمته لكتاب " كنت طبيبة في اليمن " للدكتورة الفرنسية " كلودي فياذ " ، كما أنه يعتبركتابه " خمسون عاماً في الرمال المتحركة " بمثابة مرجع أساسي لتأريخ الحركة الوطنية اليمنية ، وكتابه الجديد " أصداء خمسين عاماً في الرمال المتحركة " يعتبر أضواء على كتابه الأول .
وتعليقاً على مشكلة القات في اليمن ، يحكي د. عبد الفضيل طرفة قيلت ، عن المشير عبد الحكيم عامر ، أنه أثناء زيارة لليمن ، سئل هل حقيقي أن المصريين يشربون الحشيش ، فرد عليه المشير وقال "أوقاتاً " .
......................
وفي مداخلة من الحضور ، استفسر أحدهم من د. العيني ، عن أنه ذكر في مواضع كثيرة في كتابه وفي حواره مع أحمد منصور جملة " من أعمالكم يولَّ عليكم " أي أنه يلقى بالمسئولية على الشعب في ظلم حكامه ، فكيف ذلك ، وهو الذي قام بدور رئيسي في الحركة الوطنية وساند الثورة لمصلحة الشعب ؟، أي لماذا يكلف نفسه من أجل الشعب ، وهو لا يحترمه أساساً ويراه سبب تخلف النظام السياسي ؟ .
ورد عليه د. العيني بقوله ، أن هذا الكلام كان من أجل تحريض الشعب ، وحثه على القيام من سباته ، فلا يمكن أن " نطبطب عليه " بل يجب هزه ، وهذا ما حدث فعلاً بالثورة اليمينة .
........................
وعن دور المرأة في اليمن ، كانت مداخلة واحدة من الحضور ، حيث بسبب مشكلة القات نجد الرجل مغيب في البيت ، بينما تقوم المرأة بالكثير من الأعمال بدلاً منه ، وتكون مسئولة عن الأسرة وحمايتها . وكان سؤالها لد. العيني ، حول رؤيته لهذا الدور .
العيني من جانبه ، رد بأنه يعتبر المرأة جزء أساسي من المجتمع اليمني الذي لا تقوم له قائمة بدونه ففي مجال الزراعة هي حاضرة بقوة ، وفي المجال التعليمي هي متواجدة بصفة أساسية . وأضاف بأنه مع حرية المرأة ومع احتشامها في نفس الوقت بشرط ألا يكون عائقاً عن عملها . ويضرب مثالاُ بأنه عقد في احدي السنوات مؤتمر نظمته الولايات المتحدة ، وفيه بعثت وفد من السيدات الأمريكيات لتعليم النساء اليمنيات شئون الإدارة والتعليم وغيرها . فرجع الوفد إلى أمريكا ، وقال "أنه لم نستطع فعل أي شيء معهم ، فكيف ستعمل امرأة في مصلحة حكومية وتتعامل مع الناس ، ولا يظهر منها غير عينيها ".
........................
وبدور المرأة في اليمن، أنهت د. فاطمة البودي الندوة ، وأمنت على كلام د. العيني بأن الشعوب العربية بحاجة لهزة قوية حتى تفيق من سباتها ، وأنه يجب الاستفادة من تجاربنا السياسية ، لمعالجة قضايانا بشكل أفضل وبحكمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق