في جريدة الأخبار اللبنانية ،قدم محمد شعير عرضًا لكتاب "مصر على كف عفريت" للأستاذ جلال عامر والصادر عن دار العين للنشر.والتالي هو نص العرض
.......
قد تفقد مصر بعضاً من دورها الثقافي ومكانتها السياسية، لكنّها قطعاً لم تفقد بعد روحها الساخرة. تلك الروح التي تمدها بالمقاومة. والكتابة الساخرة هي خير مثال على ذلك. كتابة جلال عامر الأخيرة في العديد من الصحف المستقلة مثال بارز على ذلك. هي ليست كتابة تنفيسية بل نقديّة، تدرك بذكاء تناقضات الواقع وتلعب على اللغة. خبرة عميقة باللغة ومعرفة موسوعية وخبرة كبيرة بالحياة، وهو الأمر الذي يتوافر أيضاً في كتابه «مصر على كف عفريت» (دار العين). الكتاب ــــ كما يقول المؤلف ــــ هو محاولة لبحث حالة وطن كان يملك غطاء ذهب فأصبح من دون غطاء. لماذا وكيف؟ فقد بدأت مصر «بحفظ الموتى، وانتهت بحفظ الأناشيد، لأن كل مسؤول يتولّى منصبه يقسم بأنّه سوف يسهر على راحة الشعب، من دون أن يحدد أين سيسهر وللساعة كام؟ في مصر لا يمشي الحاكم بأمر الدستور، بل بأمر الدكتور، ولم يعد أحد في مصر يستحق أن نحمله على أكتافنا إلا أنبوبة البوتاغاز، فهل مصر في يد أمينة أم في إصبع أميركا أم على كف عفريت»؟ صفحات الكتاب محاولة للإجابة عن هذا السؤال الذي يفجر الضحكات على واقعنا المر.
نكتشف في الكتاب أنّ المؤلف كان ضابطاً في الجيش، خاض ثلاث حروب ضد إسرائيل. لكنّه يخوض الآن «حرب الثلاث وجبات». إذ يخرج المواطن لشراء الخبز وقد يعود أو لا يعود بعد معركة «الطوابير».
ثقافة المؤلف واضحة طوال صفحات الكتاب، عبر الإشارة إلى أفلام عالمية وروايات يقارن بينها وبين أوضاعنا. إذا كان كازنتزاكيس كتب روايته «المسيح يصلب من جديد»، فإن مصر تكتب روايتها «المصري يغرق من جديد» (في إشارة إلى حادث غرق 1030 مصرياً في البحر الأحمر في مركب أحد رجال الأعمال).
يكتب جلال عامر أيضاً عن زيارة السيد الرئيس مبارك إلى قبري جمال عبد الناصر وأنور السادات. وهي الزيارة السنوية التي يحرص عليها، متخيلاً ما الذي يمكن أن يقوله أمام قبر كل منهما. هكذا، سيقول أمام قبر عبد الناصر: «طبعاً إنتَ عارف أنا لا عايز أزورك ولا أشوفك بس هي تحكمات السياسة اللعينة. حد يا راجل يعادي أمريكا؟ ويحارب المستثمرين. على العموم إرتاح. أنا بعت كل المصانع إلي انت عملتها، والعمال إللي انت مصدعنا بيهم أهم متلقحين على القهاوي...». وأمام قبر السادات، سيقرأ الفاتحة ثم يمسح وجهه وينصرف. هذه الحكاية تلخّص فعلاً ما أصاب مصر من تحولات، وتجيب عن سؤال: كيف تحولت من «أم البلاد» إلى «أم الفساد»؟
.....
محمد شعير
الأخبار اللبنانية
عرض لكتاب مصر على كف عفريت
.......
قد تفقد مصر بعضاً من دورها الثقافي ومكانتها السياسية، لكنّها قطعاً لم تفقد بعد روحها الساخرة. تلك الروح التي تمدها بالمقاومة. والكتابة الساخرة هي خير مثال على ذلك. كتابة جلال عامر الأخيرة في العديد من الصحف المستقلة مثال بارز على ذلك. هي ليست كتابة تنفيسية بل نقديّة، تدرك بذكاء تناقضات الواقع وتلعب على اللغة. خبرة عميقة باللغة ومعرفة موسوعية وخبرة كبيرة بالحياة، وهو الأمر الذي يتوافر أيضاً في كتابه «مصر على كف عفريت» (دار العين). الكتاب ــــ كما يقول المؤلف ــــ هو محاولة لبحث حالة وطن كان يملك غطاء ذهب فأصبح من دون غطاء. لماذا وكيف؟ فقد بدأت مصر «بحفظ الموتى، وانتهت بحفظ الأناشيد، لأن كل مسؤول يتولّى منصبه يقسم بأنّه سوف يسهر على راحة الشعب، من دون أن يحدد أين سيسهر وللساعة كام؟ في مصر لا يمشي الحاكم بأمر الدستور، بل بأمر الدكتور، ولم يعد أحد في مصر يستحق أن نحمله على أكتافنا إلا أنبوبة البوتاغاز، فهل مصر في يد أمينة أم في إصبع أميركا أم على كف عفريت»؟ صفحات الكتاب محاولة للإجابة عن هذا السؤال الذي يفجر الضحكات على واقعنا المر.
نكتشف في الكتاب أنّ المؤلف كان ضابطاً في الجيش، خاض ثلاث حروب ضد إسرائيل. لكنّه يخوض الآن «حرب الثلاث وجبات». إذ يخرج المواطن لشراء الخبز وقد يعود أو لا يعود بعد معركة «الطوابير».
ثقافة المؤلف واضحة طوال صفحات الكتاب، عبر الإشارة إلى أفلام عالمية وروايات يقارن بينها وبين أوضاعنا. إذا كان كازنتزاكيس كتب روايته «المسيح يصلب من جديد»، فإن مصر تكتب روايتها «المصري يغرق من جديد» (في إشارة إلى حادث غرق 1030 مصرياً في البحر الأحمر في مركب أحد رجال الأعمال).
يكتب جلال عامر أيضاً عن زيارة السيد الرئيس مبارك إلى قبري جمال عبد الناصر وأنور السادات. وهي الزيارة السنوية التي يحرص عليها، متخيلاً ما الذي يمكن أن يقوله أمام قبر كل منهما. هكذا، سيقول أمام قبر عبد الناصر: «طبعاً إنتَ عارف أنا لا عايز أزورك ولا أشوفك بس هي تحكمات السياسة اللعينة. حد يا راجل يعادي أمريكا؟ ويحارب المستثمرين. على العموم إرتاح. أنا بعت كل المصانع إلي انت عملتها، والعمال إللي انت مصدعنا بيهم أهم متلقحين على القهاوي...». وأمام قبر السادات، سيقرأ الفاتحة ثم يمسح وجهه وينصرف. هذه الحكاية تلخّص فعلاً ما أصاب مصر من تحولات، وتجيب عن سؤال: كيف تحولت من «أم البلاد» إلى «أم الفساد»؟
.....
محمد شعير
الأخبار اللبنانية
عرض لكتاب مصر على كف عفريت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق