كتبت ماجدة الجندي
..........
في مرافيء البحار المظلمة, تهتدي السفن بدوائر النور المنبعثة من فنار شامخ, قاعدته ثابتة تناويء الموج المتحطم علي صخورها, بينما أوجه أو قمته لا تكف عن الحركة في دائرة كاملة هي المرشد وسط التيه... وحدهم القراصنة الصغار, هم من يضيق بومضات الفنار.. فهم يفضلون البحر دامس الظلمة.
هكذا نفذ الأستاذ محمد حسنين هيكل إلي سلامة أحمد سلامة ـ الأستاذ والدور والقيمة في الصحافة والحياة العامة, فلخص وأوجز مضيفا ما عرفه عن قرب وما لا يختلف أحد عليه عن نزاهة الأستاذ سلامه, و اعتزازه المهني ودرة شخصيته المتمثلة في حياء انساني أصبغ عليه إباء وكبرياء يقيد قلمك فيما يتعلق بنفسك ويمسك لسانك فبينما يتصل بقيمك, وتلك صفات الرجال الكبار الذين أصبح وجودهم نادرا في زمان امتلأ بالفراغ وتعمق في السطحية...
الأستاذ هيكل اختار صيغة خطاب مؤطر بحميمية راقية ود نبلاء ليتصدر كتابا يكاد يكون وصف الصحافة ـ علي وزن وصف مصر ـ صدر عن دار العين الصحافة فوق صفيح ساخن تضمن مقالاته المتعلقة بالشأن الصحفي( أداء وساحة) ثمانية وأربعين مقالة راشقة.
وعلي الرغم من أن القاريء قد طالع هذه المقالات إلا أن تجميعها وتبويبها في سبعة فصول, احتفي كل فصل بزاوية, هذا التجميع والتبويب قد سمح بإعادة اكتشاف قيمة وقيم كثفها قراءة( السياق المتصل)( وكما شكر الأستاذ سلامة الصحفية الواعدة مي أبو زيد علي معاونتها في تجميع مادة الكتاب, مؤكدا أخلاقه المهنية والانسانية الرفيعة, لابد لنا نحن القراء من شكر الصحفية مي لانها شاركت وساعدت ليكون بين أيدي الناس, قراء وصحفيين ـ عمل فيه( الداء والدواء) لمهنة هي ركيزة أساسية لو كنا نأمل في مجتمع أكثر صحة وعافية... الصحافة التي ينشدها ونحن معه الأستاذ سلامة هي طاقة نور للناس.. عين نافذة.. رؤية مستقلة معلومات موثقة و تحاليل مدققة.
لأجل هذا الحلم كان تصدي الأستاذ سلامة عن قرب لاعوجاجات وتشوهات أصابت الصحافة ومن ثم عطلتها وتعطل معها حلم عن أن تكون كما ينبغي في صف القيمة والحياة والمستقبل..
السياق الواحد المكثف لمقالات الأستاذ سلامة أحمد سلامة صحيح أنه استهدف الصحافة لكنه تكثيف بنفس القدر عن كل الأحوال المجتمعية سلطة وبشرا محكومين..
فالصحافة بأحوالها هي الصدي للعبة متكاملة الأطراف, وبالتالي فالقاريء في المقالات الثمانية والأربعين والموزعة علي الفصول السبعة لا يري الصحافة وحدها وإنما وصفا لمصر التي تقع الصحافة في قلبها البزنس والسلطة والأحزاب والفساد والأخلاقيات وشهوة المال والحكومة والسياسة كل ذلك علاوة علي ربطه بما يجري من حولنا..
في كتاب الصحافة فوق صفيح ساخن زمن من عمر مصر وليس الصحافة وحدها.. يتعلم الصحفيون من سلامة كل مرة يمسك فيها بالقلم.. ليستنيروا بومضات الفنار إن أرادوا مرافئ آمنة, والأمن هنا أمن الضمير وراحته وليس أمن الاستكانة المفرغة من شجاعة المجاهدة والمجابهة.. وينتخب القراء سلامة أحمد سلامة.. في انتخاب شبه يومي مع كل كلمة يخطها إن شاءوا رأيا نابعا من الذات منزها عن كل هوي وما أكثر الأهواء والمغريات التي عصفت وتعصف, بل وتقتلع الضمائر...
أكثر انتخابات الدنيا حرية تلك التي يذهب فيها القاريء طواعية الي كلمة كاتب بعينه.. وتلك الطواعية هي أكبر جائزة للكاتب الذي ثبت جذوره في الصخور غير عابئ بضربات الموج المتلاطمة.. المجنونة أحيانا كثيرة.. مكتفيا بالنور يرسله دونما انقطاع غنيا بثقة الناس.. مستغنيا عن المن والسلوي.
الفنار.. وصف جامع مانع رشقه كعادة الأستاذ هيكل أستاذ المهنة ومعلمها الأكبر ولم يترك لنا غير حق الاستخدام مع الاعتراف له بالفضل لو كنا قد تعلمنا درس النزاهة.
سلامة أحمد سلامة.. فنار تلمع ومضات نوره علي سطح البحر وفي كل اتجاه لينير كل بقعة تصل اليها.. فنار لا يخشي من نوره غير القراصنة الصغار...
.................
الأهرام
4 فبراير 2009
عن كتاب "الصحافة فوق صفيح ساخن" للكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة
..........
في مرافيء البحار المظلمة, تهتدي السفن بدوائر النور المنبعثة من فنار شامخ, قاعدته ثابتة تناويء الموج المتحطم علي صخورها, بينما أوجه أو قمته لا تكف عن الحركة في دائرة كاملة هي المرشد وسط التيه... وحدهم القراصنة الصغار, هم من يضيق بومضات الفنار.. فهم يفضلون البحر دامس الظلمة.
هكذا نفذ الأستاذ محمد حسنين هيكل إلي سلامة أحمد سلامة ـ الأستاذ والدور والقيمة في الصحافة والحياة العامة, فلخص وأوجز مضيفا ما عرفه عن قرب وما لا يختلف أحد عليه عن نزاهة الأستاذ سلامه, و اعتزازه المهني ودرة شخصيته المتمثلة في حياء انساني أصبغ عليه إباء وكبرياء يقيد قلمك فيما يتعلق بنفسك ويمسك لسانك فبينما يتصل بقيمك, وتلك صفات الرجال الكبار الذين أصبح وجودهم نادرا في زمان امتلأ بالفراغ وتعمق في السطحية...
الأستاذ هيكل اختار صيغة خطاب مؤطر بحميمية راقية ود نبلاء ليتصدر كتابا يكاد يكون وصف الصحافة ـ علي وزن وصف مصر ـ صدر عن دار العين الصحافة فوق صفيح ساخن تضمن مقالاته المتعلقة بالشأن الصحفي( أداء وساحة) ثمانية وأربعين مقالة راشقة.
وعلي الرغم من أن القاريء قد طالع هذه المقالات إلا أن تجميعها وتبويبها في سبعة فصول, احتفي كل فصل بزاوية, هذا التجميع والتبويب قد سمح بإعادة اكتشاف قيمة وقيم كثفها قراءة( السياق المتصل)( وكما شكر الأستاذ سلامة الصحفية الواعدة مي أبو زيد علي معاونتها في تجميع مادة الكتاب, مؤكدا أخلاقه المهنية والانسانية الرفيعة, لابد لنا نحن القراء من شكر الصحفية مي لانها شاركت وساعدت ليكون بين أيدي الناس, قراء وصحفيين ـ عمل فيه( الداء والدواء) لمهنة هي ركيزة أساسية لو كنا نأمل في مجتمع أكثر صحة وعافية... الصحافة التي ينشدها ونحن معه الأستاذ سلامة هي طاقة نور للناس.. عين نافذة.. رؤية مستقلة معلومات موثقة و تحاليل مدققة.
لأجل هذا الحلم كان تصدي الأستاذ سلامة عن قرب لاعوجاجات وتشوهات أصابت الصحافة ومن ثم عطلتها وتعطل معها حلم عن أن تكون كما ينبغي في صف القيمة والحياة والمستقبل..
السياق الواحد المكثف لمقالات الأستاذ سلامة أحمد سلامة صحيح أنه استهدف الصحافة لكنه تكثيف بنفس القدر عن كل الأحوال المجتمعية سلطة وبشرا محكومين..
فالصحافة بأحوالها هي الصدي للعبة متكاملة الأطراف, وبالتالي فالقاريء في المقالات الثمانية والأربعين والموزعة علي الفصول السبعة لا يري الصحافة وحدها وإنما وصفا لمصر التي تقع الصحافة في قلبها البزنس والسلطة والأحزاب والفساد والأخلاقيات وشهوة المال والحكومة والسياسة كل ذلك علاوة علي ربطه بما يجري من حولنا..
في كتاب الصحافة فوق صفيح ساخن زمن من عمر مصر وليس الصحافة وحدها.. يتعلم الصحفيون من سلامة كل مرة يمسك فيها بالقلم.. ليستنيروا بومضات الفنار إن أرادوا مرافئ آمنة, والأمن هنا أمن الضمير وراحته وليس أمن الاستكانة المفرغة من شجاعة المجاهدة والمجابهة.. وينتخب القراء سلامة أحمد سلامة.. في انتخاب شبه يومي مع كل كلمة يخطها إن شاءوا رأيا نابعا من الذات منزها عن كل هوي وما أكثر الأهواء والمغريات التي عصفت وتعصف, بل وتقتلع الضمائر...
أكثر انتخابات الدنيا حرية تلك التي يذهب فيها القاريء طواعية الي كلمة كاتب بعينه.. وتلك الطواعية هي أكبر جائزة للكاتب الذي ثبت جذوره في الصخور غير عابئ بضربات الموج المتلاطمة.. المجنونة أحيانا كثيرة.. مكتفيا بالنور يرسله دونما انقطاع غنيا بثقة الناس.. مستغنيا عن المن والسلوي.
الفنار.. وصف جامع مانع رشقه كعادة الأستاذ هيكل أستاذ المهنة ومعلمها الأكبر ولم يترك لنا غير حق الاستخدام مع الاعتراف له بالفضل لو كنا قد تعلمنا درس النزاهة.
سلامة أحمد سلامة.. فنار تلمع ومضات نوره علي سطح البحر وفي كل اتجاه لينير كل بقعة تصل اليها.. فنار لا يخشي من نوره غير القراصنة الصغار...
.................
الأهرام
4 فبراير 2009
عن كتاب "الصحافة فوق صفيح ساخن" للكاتب الكبير سلامة أحمد سلامة
والصادر حديثًا عن العين للنشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق